( قوله ) استحسانا دفعا للحرج وتعطيل الأحكام إذ لا يحضرها إلا الخواص والمراد لا يحل له أن يشهد بشيء لم يقطع به من جهة المعاينة بالعين أو السماع إلا في كذا أما النسب فمن نسبته إلى أبيه نسبا من باب طلب عزوته إليه وانتسب إليه اعتزى ثم استعمل النسب وهو المصدر في مطلق الوصلة بالقرابة فيقال بينهما نسب أي قرابة وسواء جاز بينهما التناكح أم لا وجمعه أنساب وتمامه في المصباح ، وأما ما يتعلق به من الأحكام هنا فأفاد أنه تجوز الشهادة فيه بالتسامع وفي البزازية من الدعوى العاشر في النسب وفي دعوى العمومة لا بد أن يفسر أنه عمه لأمه أو لأبيه أو لهما ويشترط أيضا أن يقول هو وارثه لا وارث له غيره فإن برهن على ذلك أو على أنه أخو الميت لأبويه لا يعلمون أن له وارثا غيره يحكم له بالمال ولا يشترط ذكر الأسماء في الأقضية [ ص: 73 ] إلى أن قال ادعى على آخر أنه أخوه لأبيه إن ادعى إرثا أو نفقة وبرهن تقبل ويكون قضاء على الغائب أيضا حتى لو حضر الأب وأنكر لا يقبل ولا يحتاج إلى إعادة البينة ; لأنه لا يتوصل إليه إلا بإثبات الحق على الغائب وإن لم يدع مالا بل ادعى الأخوة المجردة لا تقبل لأن هذا في الحقيقة إثبات البنوة على الأب المدعى عليه والخصم فيه هو الأب لا الأخ . ولا يشهد بما لم يعاينه إلا في النسب والموت والنكاح والدخول وولاية القاضي وأصل الوقف فله أن يشهد بها إذا أخبره بها من يثق به
وكذا لو ادعى أنه ابن ابنه أو أبو أبيه والابن والأب غائب أو ميت لا يصح ما لم يدع مالا فإن ادعى مالا فالحكم على الحاضر والغائب جميعا بخلاف ما إذا ادعى على رجل أنه أبوه أو ابنه أو على امرأة أنها زوجته أو ادعت عليه أنه زوجها أو ادعى العبد على عربي أنه مولاه عتاقة أو ادعى عربي على آخر أنه معتقه أو ادعت على رجل أنها أمته أو كان الدعوى في ولاء الموالاة وأنكر المدعى عليه فبرهن المدعي على ما قال يقبل ادعى به حقا أو لا بخلاف دعوى الأخوة ; لأنه دعوى الغير ألا ترى أنه لو أقر أنه أبوه أو ابنه أو زوجه أو زوجته صح أو بأنه أخوه لا لكونه حمل النسب على الغير وتمامه فيها وحاصل ما ينفعنا هنا أن الشهود إذا شهدوا بنسب فإن القاضي لا يقبلهم ولا يحكم به إلا بعد دعوى مال إلا في الأب والابن وقيد في المحيط معزيا إلى الإمام في المبسوط قبولها في النسب بقيد حسن فليراجع من نسخة صحيحة ، وأما الموت ففي البزازية والموت كالقتل ولعله والقتل كالموت كما في الخلاصة وخزانة المفتين وظاهره أن محمد جائزة وهو بإطلاقه مشكل لترتب القصاص عليها وفيها شبهة فلا يثبت بها ما يندرئ بالشبهة ولم أر من أوضحه إلى الآن وقد ظهر لي أن التشبيه إنما هو في خاص وهو جواز اعتداد المرأة إذا أخبرت بقتله كموته للتزوج وإن كان السياق يخالفه وكذا تعارض الخبرين عندنا بقتله وحياته وأشار المؤلف إلى أن المرأة تعمل بالسماع بالأولى لما في البزازية قال رجل لامرأة سمعت أن زوجك مات لها أن تتزوج إن كان المخبر عدلا . ا هـ . الشهادة على القتل بالتسامع
ومسائل تعارض الخبرين بموته وحياته فيها هنا وظاهر إطلاقه في الموت أنه لا فرق بين كون الميت مشهورا أو لا وقيده في المعراج معزيا إلى فتاوى رشيد الدين بأن يكون عالما أو من العمال أما إذا كان تاجرا أو مثله فإنه لا تجوز إلا بالمعاينة ا هـ .
وقيد بأصل الوقف احترازا عن شرائطه فإنه لا تقبل فيها بالتسامع وفي البزازية وفي الوقف الصحيح أنها تقبل بالتسامع على أصله لا على شرائطه ; لأنه يبقى على الإعصار لا شرائطه وكل ما تعلق به صحة الوقف وتتوقف عليه فهو من أصله وما لا يتوقف عليه الصحة فهو من الشرائط ونص الفضلي على أنه لا يصح في الوقف الشهادة بالتسامع واختار السرخسي جوازه على أصله لا على شرائطه بأن يقول إنه وقف على المسجد هذا أو المقبرة هذه أما إذا لم يذكرا ذلك لا تقبل ا هـ .
والمراد من الشرائط أن يقولوا إن قدرا من الغلة لكذا ثم يصرف الفاضل إلى كذا بعد بيان الجهة فلو ذكر هذا لا تقبل ا هـ وفي الفصول [ ص: 74 ] العمادية من العاشر المختار أن لا تقبل الشهادة بالشهرة على شرائط الوقف ا هـ .
وفي الخانية في أواخر فصل دعوى الوقف من كتاب الوقف ما يوافق هذا وكذا في الإسعاف وفي المجتبى المختار أن تقبل على شرائط الوقف . ا هـ .
واعتمده في المعراج وقواه في فتح القدير بقوله وأنت إذا عرفت قولهم في الأوقاف التي انقطع ثبوتها ولم يعرف لها شرائط ومصارف أنه يسلك بها ما كانت عليه في دواوين القضاة لم تقف عن تحسين ما في المجتبى ; لأن ذلك هو معنى الثبوت بالتسامع . ا هـ .
وجوابه أنه إنما عمل فيها بذلك عند الضرورة والمدعي أعم ثم قال أي في فتح القدير وليس معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه بل أن يقول يبدأ من غلتها بكذا وكذا والباقي كذا وكذا ا هـ .
ومسألة الشهادة بالوقف أصلا وشروطا لم تذكر في ظاهر الرواية وإنما قاسها المشايخ على الموت كما في الخلاصة والتقييد بما ذكر من الأشياء الستة يدل على عدم قبولها به في غيرها من الولاء والعتق واختلف الفحلان في نقل الاختلاف في العتق فنقل الإمام السرخسي عدم قبولها فيه إجماعا ونقل أستاذه الإمام الحلواني أنه على الاختلاف المنقول في الولاء فعن الجواز فيهما ومن ذلك المهر فظاهر التقييد أنه لا تقبل فيه به ولكن في البزازية والظهيرية والخزانة أن فيه روايتين والأصح الجواز ا هـ . أبي يوسف
ووجهه أنه من توابع النكاح فكان كأصله وذكر في الخلاصة خلافا في الدخول ففي فوائد أستاذنا ظهير الدين لا يجوز لهم أن يشهدوا على الدخول بالمنكوحة بالتسامع ولو أراد أن يثبت الدخول يثبت الخلوة الصحيحة ا هـ .
وظاهر ما في المعراج أن الأمير كالقاضي فيزاد إلا مرة وكذا في خزانة المفتين ثم اعلم أن الخصاف شرط للقبول عند في العتق أن يكون مشهورا وللمعتق أبوان أو ثلاثة في الإسلام ولم يشترطه أبي يوسف في المبسوط كذا في المعراج . محمد
وقوله إذا أخبره يدل على أن لفظة الشهادة ليست بشرط في الكل أما الذي يشهد عند القاضي فلا بد له من لفظها وشرط في العناية لفظ الشهادة على ما قالوا كذا في الخلاصة وأشار المؤلف رحمه الله تعالى بقوله [ ص: 75 ] من يثق به إلى عدم اشتراط عدد وذكورة في المخبر ولكن في الخلاصة في النكاح والنسب لا بد أن يخبره عدلان بخلاف الموت قال وفي الموت مسألة عجيبة هي إذا لم يعاين الموت إلا واحد ولو شهد عند القاضي لا يقضي بشهادته وحده ماذا يصنع قالوا يخبر بذلك عدلا مثله وإذا سمع منه حل له أن يشهد على موته فيشهد هو مع ذلك الشاهد فيقضي بشهادتهما ا هـ .
وظاهر ما في السراج أنه لا بد من خبر عدلين في الكل إلا في الموت وصحح عن الظهيرية أن الموت كغيره وفي فتح القدير المختار الاكتفاء بالواحد في الموت والعدالة إنما تشترط في المخبر في غير المتواتر أما في المتواتر فلا تشترط العدالة ولا لفظ الشهادة كما في الخلاصة وظاهر كلام المؤلف الاقتصار على الإخبار وهو قصور قال في الخلاصة إذا شهد تعريسه وزفافه أو أخبره بذلك عدلان حل له أن يشهد أنها امرأته وذكر الشارح أنه إذا رأى رجلا يدخل على امرأته وينبسطان انبساط الأزواج وسمع من الناس أنها زوجته جاز له أن يشهد به وإن لم يعاين النكاح وكذا إذا رأى شخصا جالسا مجلس الحكم يفصل الخصومات جاز له أن يشهد على أنه قاض . ا هـ .
فظاهر الهداية الاكتفاء بما ذكر وذكر غيره أنه لا بد من الإخبار وفي فتح القدير وهو الحق وفي المحيط ولو جاء خبر موت إنسان فصنعوا ما يصنع على الميت لم يسعك أن تخبر بموته حتى يخبرك ثقة أنه عاين موته ; لأن المصائب قد تتقدم على الموت إما خطأ أو غلطا أو حيلة لقسمة المال ا هـ .
وفي القنية يجوز للسامعين أن يشهدوا على ذلك ا هـ . نكاح حضره رجلان ثم أخبر أحدهما جماعة أن فلانا تزوج فلانة بإذن وليها ثم الآن يجحد هذا التسامع
ثم اعلم أن القضاء بالنسب مما لا يقبل النقض لكونه على الكافة كالنكاح والحرية والولاء كما في الصغرى وكذا كتبنا في الفوائد أن القضاء على الكافة في هذه الأربعة لكن يستثنى من النسب ما في المحيط من باب الشهادة بالتسامع شهدا أن فلان بن فلان مات وهذا ابن أخيه ووارثه قضي بالنسب والإرث ثم أقام آخر البينة أنه ابن الميت ووارثه ينقض الأول ويقضي للثاني ; لأن الابن مقدم على ابن الأخ ولا تنافي بين الأول والثاني لجواز أن يكون له ابن وابن أخ فينقض القضاء في حق الميراث لا في حق النسب حتى يبقى الأول ابن عم له حتى يرث منه إذا مات ولم يترك وارثا آخر أقرب منه فإن أقام آخر البينة أن الميت الأول فلان بن فلان ونسبه إلى أب آخر غير الأب الذي نسبه إلى الأول فإنه ينظر إن ادعى ابن أخيه لا ينقض القضاء الأول لأنه لما أثبت نفسه من الأول خرج عن أن يكون محلا لإثباته في إنسان آخر وليس في البينة الثانية زيادة إثبات إلى آخر ما ذكره .
والمراد بقوله من يثق به غير الخصم إذ لو أخبره رجل أنه فلان بن فلان لا يسعه أن يعتمد على خبره ويشهد بنفسه ; لأنه لو جاز له ذلك لجاز للقاضي القضاء بقوله كذا في خزانة المفتين وشرط فيها للقبول في النسب أن يخبره عدلان من غير استشهاد الرجل فإن أقام الرجل شاهدين عنده على نسبه لا يسعه أن يشهد وإذا كان الرجل غريبا لا يسعه أن يشهد بنسبه حتى يلقى من أهل بلده رجلين عدلين فيشهدان عنده على نسبه قال وهو الصحيح . ا هـ . الجصاص
[ ص: 72 ]