( كتاب الوكالة ) مناسبتها للشهادة من حيث إن الإنسان يحتاج في معاشه إلى التعاضد والشهادة منه فكذا والكلام فيها في مواضع : الأول في معناها لغة قال في المصباح وكلت إليه الأمر وكلا من باب وعد ووكولا فوضته إليه واكتفيت به الوكيل فعيل بمعنى مفعول لأنه موكول إليه ويكون بمعنى فاعل إذا كان بمعنى الحافظ ومنه حسبنا الله ونعم الوكيل والجمع وكلاء ووكلته توكيلا فتوكل قبل الوكالة وهي بفتح الواو والكسر لغة وتوكل على الله تعالى اعتمد عليه ا هـ . الوكالة
والحاصل أنها في اللغة بمعنى التوكيل وهو تفويض التصرف إلى الغير الثاني في معناها اصطلاحا فهي إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم كذا في العناية إلى الغير الثاني في وهو ما دل عليها من الإيجاب والقبول ولو حكما فلو ركنها كان وكيلا بحفظه لأنه الأدنى فيحمل عليه هكذا ذكروا وقيدوا بقوله في هذا لأنه لو قال : وكلتك في هذا فهذا الكلام متوجه إلى الذي تحاورا فيه وقليلا ما يكون هذا الكلام والتفويض إلا بناء على سابقة تجري بينهما فإن كان كذلك فالأمر على ما تعارفوه بما جرت المخاطبة فيه فإن فعل شيئا خارجا من ذلك النوع لم ينفذ على الموكل دون إنفاذه كذا في خزانة المفتين . قال : وكلتك فقال قبلت الوكالة فقال الوكيل : طلقت امرأتك ثلاثا أو أعتقت عبدك فلانا أو زوجت بنتك فلانة من فلان أو تصدقت من مالك بكذا على الفقراء فقال الرجل : لا أرضى بذلك
ولو كان تفويضا للحفظ والقياس أن لا يكون وكيلا به للجهالة والاستحسان انصرافها إلى الحفظ ولو قال : أنت وكيلي في كل شيء أنه يكون توكيلا بالبيع ولو زاد على قوله أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك ملك الحفظ والبيع والشراء ويملك الهبة والصدقة حتى إذا أنفق على نفسه من ذلك المال جاز حتى يعلم خلافه من قصد الموكل وعن قال : أجزت لك بيع عبدي هذا تخصيصه بالمعاوضات ولا يلي العتق والتبرع وعليه الفتوى وكذا إذا قال : طلقت امرأتك ووقفت ووهبت أرضك في الأصح لا يجوز وفي الروضة فوضت أمري إليك قيل : هذا باطل وقيل هذا والأول سواء في أنه تفويض الحفظ ولو الإمام ملك تقاضي الأجرة وقبضها وكذا لو قال : مالك المستغلات فوضت إليك أمر مستغلاتي وكان آجرها من إنسان ملك التقاضي ولو قال : إليك أمر ديوني ملك الحفظ والرعي والتعليف والنفقة عليهم فوضت إليك أمر امرأتي ملك طلاقها واقتصر على المجلس [ ص: 140 ] بخلاف قوله ملكتك حيث لا يقتصر على المجلس كذا في البزازية وفي كافي قال : إليك فوضت أمر دوابي وأمر مماليكي الحاكم لو وكله بالقيام على داره وإجارتها وقبض غلتها والبيع لم يكن له أن يبني ولا أن يرم منها شيئا وليس وكيلا في خصومتها ولو هدم رجل منها شيئا كان وكيلا في الخصومة لأنه استهلك شيئا في يديه وكذا لو أجرها من رجل فجحد ذلك الرجل الإجارة كان خصما فيها حتى يثبتها وكذا إذا سكنها وجحد الآجر ا هـ .
وقال في باب الوكالة بالدين لو فهو وكيل في قبضه ولو وكله بقبض غلة أرضه وثمرتها كان له أن يقبض ذلك كل سنة ا هـ . وكله بتقاضي كل دين له ثم حدث له دين بعد ذلك
وقال في باب قبض الوديعة والعارية ولو كان للمودع أن يأخذ القيمة من عاقلة القاتل وليس للوكيل أن يقبض القيمة لأنها كالثمن ولو كان الوكيل قبض العبد فقتل عنده كان له أن يأخذ القيمة وهو الآن بمنزلة الأول ولو جنى على العبد جناية قبل أن يقبضه الوكيل فأخذ المستودع أرشها فللوكيل أن يقبض العبد دون الأرش وكذا لو كان المستودع آجره بإذن مولاه لم يأخذ الوكيل أجره وكذا مهر الأمة إذا وطئت بشبهة ولو وكله بقبض عبد عند رجل فقتل العبد خطأ كان للوكيل أن يقبض الولد مع الأم ولو كانت ولدت قبل أن يوكله بقبضها لم يكن له أن يقبض الولد وكذلك ثمرة البستان بمنزلة الولد ا هـ . وكله بقبض أمة أو شاة فولدت
وفي البدائع وأما فالإيجاب من الموكل أن يقول : وكلتك بكذا أو افعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا ونحوه والقبول من الوكيل أن يقول : قبلت وما يجري مجراه فما لم يوجد لم يتم ولهذا لو ركن التوكيل فهو الإيجاب والقبول لم يبرأ الغريم لأنه ارتد بالرد ثم الركن قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بشرط نحو وكل إنسانا بقبض دينه فأبى أن يقبض ثم ذهب فقبض وقد يكون مضافا إلى وقت بأن إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع هذا العبد ويصير وكيلا في الغد وما بعده لا قبله ا هـ . يوكله في بيع هذا العبد غدا
فإن قلت : فما فإن الإذن والأمر توكيل كما علمت قلت : الرسول أن يقول له أرسلتك أو كن رسولا عني في كذا وقد جعل منها الفرق بين التوكيل والإرسال الزيلعي في باب خيار الرؤية أمرتك بقبضه وصرح في النهاية فيه معزيا إلى الفوائد الظهيرية أنه من التوكيل وهو الموافق لما في البدائع إذ لا فرق بين افعل كذا وأمرتك بكذا واعلم أنه ليس كل أمر يفيد التوكيل فيما أمر به ففي الولوالجية كان توكيلا وكذا اشتر بهذا الألف جارية وأشار إلى مال نفسه ولو قال : اشتر جارية بألف درهم كانت مشورة وما اشتراه المأمور فهو له دون الآمر وكذا لو قال : اشتر هذا بألف إلا إذا زاد على أن أعطيك لأجل شرائك درهما لأن اشتراط الأجر له يدل على الإنابة ا هـ . دفع له ألفا وقال : اشتر لي بها أو بع أو قال : اشتر بها أو بع ولم يقل لي
وفي تهذيب القلانسي الوكيل من يباشر العقد والرسول من يبلغ المباشرة والسلعة أمانة في أيديهما ا هـ .
وإنما قلت في القبول ولو حكما ليدخل السكوت .
[ ص: 138 - 139 ]