( قوله ) أطلقه هنا وقيده في الكافي بالمتكرر في كل ركعة كالسجدة حتى لو ورعاية الترتيب في فعل مكرر لا تفسد صلاته وزاد عليه الشارح أو يكون متكررا في جميع الصلاة كعدد الركعات فإن ما يقضيه المسبوق بعد فراغ الإمام أول صلاته عندنا ، ولو كان الترتيب فرضا لكان آخرا ا هـ . ترك السجدة الثانية وقام إلى الركعة الثانية
وهو مردود فإن ما يقضيه المسبوق أول صلاته حكما لا حقيقة وأيضا ليس هو أول صلاته مطلقا بل أولها في حق القراءة وآخرها في حق التشهد على ما سيأتي ولا يصح أن يدخل تحت الترتيب الواجب إذ لا شيء على المسبوق ولا نقص في صلاته أصلا [ ص: 314 ] فلذا اقتصر المصنف على المتكرر في كل ركعة ، وإنما كان واجبا لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على مراعاة الترتيب فيه وقيام الدليل على عدم فرضيته ، وهو ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قوله { } ، ثم قال ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا المصنف في الكافي أما ترتيب القيام على الركوع وترتيب الركوع على السجود ففرض ; لأن الصلاة لا توجد إلا بذلك وهكذا ذكر الشارح وشراح الهداية وعللوا له بأن ما اتحدت شرعيته يراعى وجوده صورة ومعنى في محله ; لأنه كذلك شرع فإذا غيره فقد قلب الفعل وعكسه ، وقلب المشروع باطل ، ولا كذلك ما تعددت شرعيته ، وقال المصنف في كافيه من باب سجود السهو إن سجود السهو يجب بأشياء ، منها : تقديم ركن بأن ركع قبل أن يقرأ أو سجد قبل أن يركع ، ثم قال أما التقديم والتأخير فلأن مراعاة الترتيب واجبة عندنا خلافا فإذا لزفر فقد ترك الواجب ، وهو ظاهر في التناقض على ما قيل ترك الترتيب
وقد وقع نظيره في الذخيرة حتى استدل به صدر الشريعة في شرح الوقاية على أن الترتيب بين القراءة والركوع واجب بدليل وجوب سجود السهو بتركه حتى قال وليس فيما تكرر قيدا يوجب نفي الحكم عما عداه فإن أيضا واجب ; لأنهم قالوا يجب سجود السهو بتقديم ركن وأوردوا لنظيره الركوع قبل القراءة ، وسجدة السهو لا تجب إلا لترك الواجب فعلم أن مراعاة الترتيب في الأركان التي لا تكرر في كل ركعة واحدة واجب مع أنهما غير مكررين في ركعة واحدة فعلم أن مراعاة الترتيب واجبة مطلقا ، ويخطر ببالي أن المراد بما تكرر : ما تكرر في الصلاة احترازا عما لا يتكرر فيها على سبيل الفرضية ، وهو تكبيرة الافتتاح والقعدة الأخيرة فإن مراعاة الترتيب في ذلك فرض ا هـ . الترتيب بين الركوع والقراءة
وليس كما ظن وليس بين الكلامين تناقض ; لأن قولهم هنا بأن هذا الترتيب شرط [ ص: 315 ] معناه أن الركن الذي هو فيه يفسد بتركه حتى إذا ركع بعد السجود لا يقع معتدا به بالإجماع كما صرح به في النهاية فيلزمه إعادة السجود ، وقولهم في سجود السهو بأن هذا الترتيب واجب معناه أن الصلاة لا تفسد بترك الترتيب إذا أعاد الركن الذي أتى به فإذا أعاده فقد ترك الترتيب صورة فيجب عليه سجود السهو ، فالحاصل أن المشروع فرضا في الصلاة أربعة أنواع : ما يتحد في كل الصلاة كالقعدة أو في كل ركعة كالقيام والركوع ، وما يتعدد في كلها كالركعات أو في كل ركعة كالسجود فالترتيب شرط بين المتحد في كل الصلاة وجميع ما سواه مما يتعدد في كلها كالركعات أو في كل ركعة
وما يتحد في كل ركعة حتى لو تذكر بعد القعدة قبل السلام أو بعده قبل أن يأتي بمفسد ركعة أو سجدة صلبية أو للتلاوة فعلها وأعاد القعدة وسجد للسهو ، ولو تذكر ركوعا قضاه وقضى ما بعده من السجود أو قياما أو قراءة صلى ركعة تامة ، وكذا يشترط الترتيب بين ما يتحد في كل ركعة كالقيام والركوع ، ولذا قلنا آنفا في ترك القيام والركوع إنه يصلي ركعة تامة وإذا عرف هذا فقوله في النهاية : الترتيب ليس بشرط بين ما يتعدد في كل الصلاة يعني الركعات أو يتحد في كل ركعة وبين ما يتعدد في كل ركعة ليس على إطلاقه ، بل بين السجود والمتحد في كل ركعة تفصيل : إن كان سجود ذلك الركوع بأن يكون ركوعا وسجودا من ركعة واحدة فالترتيب شرط ، وإن كان ركوعا من ركعة وسجودا من أخرى بأن تذكر في سجدة ركوع ركعة قبل ركوع هذه السجدة قضى الركوع وسجدتيه
وإن [ ص: 316 ] تذكر على القلب بإن سجدها وهل يعيد الركوع والسجود المتذكر فيه ؟ ففي الهداية أنه لا تجب الإعادة بل تستحب معللا بأن الترتيب ليس بفرض بين ما يتكرر من الأفعال ، والذي في فتاوى تذكر في ركوع أنه لم يسجد في الركعة قبلها قاضي خان وغيره أنه يعيد معللا بأنه ارتفض بالعود إلى ما قبله من الأركان ; لأنه قبل الرفع منه يقبل الرفض ، ولهذا ذكر هو فيما لو تذكر سجدة بعدما رفع من الركوع أنه يقضيها ولا يعيد الركوع ; لأنه بعد ما تم بالرفع لا يقبل الرفض ، فعلم أن الاختلاف في الإعادة ليس بناء على اشتراط الترتيب وعدمه بل على أن الركن المتذكر فيه هل يرتفض بالعود إلى ما قبله من الأركان أو لا ، وفي الكافي للحاكم فهذا قد صلى ركعة ، وكذلك إن ركع أولا ، ثم قرأ وركع وسجد فإنما صلى ركعة واحدة ، وكذلك إن رجل افتتح الصلاة وقرأ وركع ولم يسجد ، ثم قام فقرأ وسجد ولم يركع فإنما صلى ركعة واحدة ، وكذلك إن سجد أولا سجدتين ، ثم قام فقرأ في الثانية وركع ولم يسجد ، ثم قام فقرأ وسجد في الثالثة ولم يركع فإنما صلى واحدة ا هـ . كذا في فتح القدير ركع في الأولى ولم يسجد وركع في الثانية ولم يسجد ، ثم سجد في الثالثة ولم يركع
ثم اعلم ، أن في كل موضع يشترط فيه الترتيب ، وقلنا : يفسد بتركه الركن الذي هو فيه كما قدمنا ، هل تفسد الصلاة بالكلية ؟ ينظر إن كانت الزيادة ركعة تامة تفسد لما أن الركعة لا تقبل الرفض حتى يراعى الترتيب المشروط برفضها ، وأما إن كانت الزيادة ما دون الركعة فلا تفسد . إليه أشار في النهاية .
[ ص: 313 ]