( قوله المدعي من إذا ترك ترك والمدعى عليه بخلافه ) أي المدعي من لا يجبر على الخصومة إذا تركها والمدعى عليه من يجبر على الخصومة إذا تركها ، ومعرفة من أهم ما يبتنى عليه مسائل الدعوى ، وقد اختلفت عبارات المشايخ فيه فمنها ما في الكتاب ، وهو حد عام صحيح ، وقيل المدعي من لا يستحق إلا بحجة كالخارج والمدعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير حجة كذي اليد ، وقيل المدعي من يلتمس غير الظاهر والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر ، وقال الفرق بينهما في الأصل المدعى عليه هو المنكر ، وهذا صحيح لكن الشأن في معرفته ، والترجيح بالفقه عند الحذاق من أصحابنا ; لأن الاعتبار للمعاني دون الصور فإن محمد فالقول قوله مع اليمين ، وإن كان مدعيا للرد صورة ; لأنه ينكر الضمان كذا في الهداية وحاصله أن المدعي يدعي فراغ ذمته عن الضمان ولهذا تقبل بينته اعتبارا للصورة ، ويجبر على الخصومة ويحلف اعتبارا للمعنى كذا في الكافي ، وفي المجتبى الصحيح ما في الكتاب والمراد أن المدعى عليه يجبر على أصل الخصومة ولا ينافيه قول المودع إذا قال رددت الوديعة إن الخيار للمدعى عليه في تعيين القاضي كما لا يخفى ، وفي الخانية ولو محمد اختلف فيها كان في البلدة قاضيان كل واحد منهما في محلة على حدة فوقعت الخصومة بين رجلين أحدهما من محلة والآخر من محلة أخرى والمدعي يريد أن يخاصمه إلى قاضي محلته والآخر يأبى ذلك أبو يوسف والصحيح أن العبرة لمكان المدعى عليه ، وكذا لو كان أحدهما من أهل العسكر ، والآخر من أهل البلدة فأراد العسكري أن يخاصمه إلى قاضي العسكر فهو على هذا . ا هـ . ومحمد
وعلله في المحيط بأن يقول إن المدعي منشئ للخصومة فيعتبر قاضيه أبا يوسف يقول إن المدعى عليه دافع لها ، وفي البزازية ومحمد فالخيار للمدعى عليه عند قاضيان في مصر طلب كل واحد منهما أن يذهب إلى قاض وعليه الفتوى . ا هـ . محمد
وهو بإطلاقه شامل لما إذا ، وما إذا أراد المدعي قاضي محلة المدعى عليه ، وأراد المدعى عليه قاضي محلة المدعي القاهرة فأراد المدعي قاضيا شافعيا مثلا ، وأراد الآخر مالكيا مثلا ولم يكونا من محلتهما فإن الخيار للمدعى عليه ، وهذا هو الظاهر وبه أفتيت مرارا كثيرة [ ص: 194 ] ثم اعلم أنه سئل تعدد القضاة في المذاهب الأربعة وكثروا كما في قارئ الهداية عن فأجاب لا يجبر المدعي على الدعوى ; لأن الحق له . ا هـ . الدعوى بقطع النزاع بينه وبين غيره
ولا يعارضه ما نقلوه في الفتاوى من صحة الدعوى بدفع التعرض ، وهي مسموعة كما في البزازية والخزانة والفرق بينهما ظاهر فإنه في الأول إنما يدعي أنه إن كان له شيء عليه يدعيه ، وإلا يشهد على نفسه بالإبراء ، وفي الثاني إنما يدعي عليه أنه يتعرض له في كذا بغير حق ويطالب بدفع التعرض فافهم . ا هـ .
ولا بد من بيان من يكون خصما في الدعوى ليعلم المدعى عليه ، وقد أغفله الشارحون ، وهو مما لا ينبغي فأقول : في دعوى الخارج ملكا مطلقا في عين في يد مستأجر أو مستعير أو مرتهن فلا بد من حضرة المالك وذي اليد إلا إذا ادعى الشراء منه قبل الإجارة فالمالك وحده يكون خصما وتشترط حضرة المزارع إن كان البذر منه أو كان الزرع نابتا ، وإلا لا ، وفي دعوى الغصب عليه لا تشترط حضرة المالك ، وفي البيع قبل التسليم لا بد في دعوى الاستحقاق والشفعة من حضرة البائع والمشتري والمشتري فاسدا بعد القبض خصم لمن يدعي الملك فيه ، وقبل القبض الخصم هو البائع وحده ، وأحد الورثة ينتصب خصما عن الكل فالقضاء عليه قضاء على الكل وعلى الميت ، وقيده في الجامع بكون الكل في يده ، وإن البعض في يده فبقدره ، والموصى له ليس بخصم في إثبات الدين إنما هو خصم في إثبات الوصاية أو الوكالة إلا إذا كان موصى له بما زاد على الثلث ، ولا وارث فهو كالوارث واختلف المشايخ في ولا تسمع إثبات الدين على من في يده مال الميت وليس بوارث ولا وصي دعوى الدين على الميت على غريم الميت مديونا أو دائنا خمسة : الوارث والوصي ، والموصى له والغريم للميت ، أو على الميت والخصم في إثبات النسب يدعيه على متولي الوقف لا على الوصي ; لأن الوصي لا يلي القبض ولا تشترط حضرة الصبي عند الدعوى عليه وتكفي حضرة وصيه دينا أو عينا باشره الوصي أو لا ولا يشترط وقف على صغير له وصي ولرجل فيه دعوى ولو حضرة العبد والأمة عند دعوى المولى أرشه ، ومهرها تسمع دعواه وتشترط حضرة الصبي مع أبيه أو وصيه ، وإلا نصب القاضي له وصيا وتشترط [ ص: 195 ] حضرته عند الدعوى مدعيا أو مدعى عليه والصحيح أنه لا تشترط ادعى على صبي محجور عليه استهلاكا أو غصبا ، وقال لي بينة حاضرة . حضرة الأطفال الرضع عند الدعوى
على الأقرب إلى الصواب ، وليس بخصم على الصحيح لمن يدعي الإجارة أو الرهن أو الشراء والمشتري خصم للكل كالموهوب له ، وفي والمستأجر خصم لمن يدعي الإجارة في غيبة المالك وتصح دعوى العين المرهونة تشترط حضرة الراهن والمرتهن فلذا كان للمستحق الدعوى على البائع وحده ، وإن كان المبيع في يد المشتري لكونه غاصبا الدعوى على الغاصب ، وإن لم تكن العين في يده لا ينتصب خصما للمشتري وينتصب خصما لوارث المودع أو المغصوب منه والمودع أو الغاصب إذا كان مقرا الوديعة أو الغصب يشترط حضرة البائع والمشتري والمشتري باطلا لا يكون خصما للمستحق . وإذا ، ومن اشترى شيئا بالخيار فادعاه آخر فبرهن البائع على النتاج وبرهن على المشتري في غيبة المستحق ليدفع عنه الرجوع بالثمن اختلف المشايخ فيه والأصح أنه لا تشترط حضرته ، ومنهم من قال : المختار اشتراطها ، وأفتى استحق المبيع بالملك المطلق ، وقضى به السرخسي بالأول ، وهو الأظهر والأشبه الموصى له ينتصب خصما للموصى له فيما في يده فإن لم يقبض ولكن قضي له بالثلث فخاصمه موصى له آخر فإن إلى القاضي الذي قضى له كان خصما ، وإلا فلا ، وإذا يشترط حضرته لسماع الدعوى والبينة ودعوى النكاح عليها بتزويج أبيها صحيحة بدون حضرة أبيها ادعى نكاح امرأة ولها زوج ظاهر صحيحة إن كان مأذونا ، وإلا فلا بد من حضرة مولاه والقول للواهب أنه مأذون ، ولا تقبل بينة العبد أنه محجور فإن غاب العبد لم تصح دعوى الرجوع على مولاه إن كانت العين في يد العبد وتمامه في خزانة المفتين . ودعوى الواهب الرجوع في هبة العبد عليه