( فصل في ) صلح الورثة
( ولو صح قل أو كثر ) حملا على المبادلة لا إبراء إذ هو عن الأعيان باطل كذا أطلق الشارحون هنا والذي تعطيه عبارات الكتب المشهورة التفصيل فإن كان الإبراء عنها على وجه [ ص: 261 ] الإنشاء فإما أن يكون عن العين أو عن الدعوى بها فإن كان عن العين فهو باطل من جهة أن له الدعوى بها على المخاطب وغيره صحيح من جهة الإبراء عن وصف الضمان ولهذا قال في الذخيرة قالوا إن أخرجت الورثة أحدهم عن عرض أو عقار بمال أو عن ذهب بفضة أو على العكس كان بريئا منه ولو قال أبرأتك منه كان له أن يدعيه وإنما أبرأه من ضمانه ا هـ . عبدا في يد رجل لو قال له رجل برئت منه
وإن كان عن الدعوى فإن كان بطريق الخصوص كما إذا أبرأه عن دعوى هذه العين فإنه لا تسمع دعواه بالنسبة إلى المخاطب وتسمع بالنسبة إلى غيره ولهذا قال الولوالجي في فتاويه قبيل كتاب الإقرار فهذا كله باطل حتى لو ادعى ذلك تسمع ولو أقام البينة تقبل بخلاف ما إذا قال برئت لا تقبل بينته بعده وكذلك إذا رجل ادعى على رجل دارا أو عبدا ثم قال المدعي للمدعى عليه أبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي في هذه الدار أو في دعواي في هذه الدار فليس له أن يدعي بعده لأن أبرأتك عن خصومتي في هذه الدار خاطب الواحد فله أن يخاصم غيره بخلاف قوله برئت لأنه أضاف البراءة إلى نفسه مطلقا فيكون هو بريئا . ا هـ . قال أنا بريء من هذا العبد أو خرجت
وإن كان بطريق التعميم فله الدعوى على المخاطب وغيره ولهذا قال في القنية لا تبرأ المرأة منها وله الدعوى لأن الإبراء إنما ينصرف إلى الديون لا الأعيان ا هـ . افترق الزوجان وأبرأ كل واحد منهما صاحبه عن جميع الدعاوى وللزوج أعيان قائمة
وإن كان الإبراء على وجه الإخبار كقوله هو بريء مما لي قبله فهو صحيح متناول للدين والعين فلا تسمع الدعوى وكذا إذا قال لا ملك لي في هذه العين ذكره في المبسوط والمحيط فعلم أن قوله لا أستحق قبله حقا مطلقا ولا استحقاقا [ ص: 262 ] ولا دعوى يمنع الدعوى بحق من الحقوق قبل الإقرار عينا كان أو دينا قال في المبسوط ويدخل في قوله لا حق لي قبل فلان كل عين أو دين وكل كفالة أو جناية أو إجارة أو حد فإن ادعى الطالب بعد ذلك حقا لم تقبل بينته عليه حتى يشهدوا أنه بعد البراءة لأن بهذا اللفظ استفاد على العموم ا هـ .
لكن إن وقع الصلح عن أحد النقدين بالآخر يعتبر التقابض في المجلس غير أن الذي في يده بقية التركة إن كان جاحدا يكتفى بذلك القبض لأنه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح وإن كان مقرا غير مانع يشترط تجديد القبض ولو صالحوه عن النقدين وغيرهما بأحد النقدين لا يصح الصلح ما لم يعلم أن ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس إن كانوا متصادقين وإن أنكروا وراثته جاز مطلقا بشرط التقابض فيما يقابل النقد منه وإن لم يعلم قدر نصيبه من ذلك الجنس فالصحيح أن الشك إن كان في وجود ذلك في التركة جاز الصلح وإن علم وجود ذلك في التركة لكن لا يدري أن بدل الصلح من حصتها أقل أو أكثر أو مثله فسد كذا في فتاوى ولا يشترط في صلح أحد الورثة المتقدم أن تكون أعيان التركة معلومة قاضي خان .
ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا ولو كان نقدين جاز مطلقا بشرط التقابض في المجلس ولو كان في التركة دين على الناس فأخرجوه ليكون الدين لهم بطل وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه صح ولو كان على الميت دين يحيط بطل الصلح والقسمة إلا أن يضمن الوارث الدين بشرط أن لا يرجع في التركة أو يضمن أجنبي بشرط براءة الميت أو يؤدوا دينه من مال آخر وإن لم يكن مستغرقا صح الصلح والقسمة ويرفعون منها قدر الدين حتى لا يحتاجون إلى نقض القسمة والأولى أن لا يفعلوا ذلك حتى يقضوا الدين فإذا أخرجوا واحدا فحصته تقسم بين البقية على السواء إن كان ما أعطوه من مالهم غير الميراث وإن كان مما ورثوه فعلى قدر ميراثهم وقيده الخصاف بأن يكون عن إنكار أما إذا كان عن إقرار فهو بينهم على السواء مطلقا وصلح أحدهم عن بعض الأعيان صحيح وصلح أحدهم عن دعوى أجنبي حقا في التركة مع غيبة البقية جائز ويكون متبرعا في حصة شركائه كالأجنبي وإن كان صالح على أن يكون حق المدعي له دون غيره فهو جائز فإن أثبته سلم له وإلا بطل الصلح في حصة الشركاء ويرجع على المدعي بحصة ذلك من البدل والموصى له بمنزلة الوارث فيما قدمناه وإذا فيه قولان مذكوران في فتاوى صالحوا أحدهم ثم ظهر للميت دين أو عين لم يعلموها هل يكون داخلا في الصلح قاضي خان قدم أنه لا يكون داخلا ويكون ذلك الدين والعين بين جميع الورثة وقد ذكر في أول الفتاوى أنه يقدم ما هو الأشهر فكان هو المعتمد وعلى قول من يقول بالدخول فإن كان الظاهر دينا فله الصلح كأنه وجد في الابتداء وإن كان عينا لا ولو ادعت الزوجة ميراثها صح الصلح على أقل من نصيبها أو مهرها ولا يطيب لهم إن علموا ذلك فإن أقامت بينة بطل الصلح
[ ص: 261 ]