( قوله والهاء الهلاك ) يعني : مانع وأما هلاك أحد العاقدين فقد قدمه لتعذر الرجوع بعد الهلاك ( قوله فلو ادعاه صدق ) أي لو ادعى الموهوب له هلاك الموهوب يصدق لأنه منكر لوجوب الرد عليه قيد بدعوى الهلاك لأن الموهوب له لو ادعى أنه أخوه وأنكره الواهب يستحلف الواهب عند الكل لأنه ادعى بسبب النسب مالا لازما فكان المقصود إثباته دون النسب ذكره هلاك العين الموهوبة قاضي خان في فتاويه من باب الاستحلاف وأشار بقوله صدق إلى أن القول قوله بغير يمين ولهذا قال في الخلاصة لو قال الموهوب له هلكت فالقول قوله ولا يمين عليه فإن قال الواهب هي هذه حلف المنكر أنها ليست هذه ا هـ .
( قوله وإنما يصح الرجوع بتراضيهما أو بحكم الحاكم ) لأنه مختلف بين العلماء وفي أصله وهي وفي حصول المقصود وعدمه خفاء فلا بد من الفصل بالرضا أو بالقضاء حتى لو كانت الهبة عبدا فأعتقه قبل القضاء نفذ ولو منعه فهلك لم يضمن لقيام ملكه فيه .
وكذا إذا هلك في يده بعد القضاء لأن أول القبض غير مضمون وهذا دوام عليه إلا أن يمنعه بعد طلبه لأنه تعدي وإذا رجع بالقضاء أو بالتراضي يكون فسخا من الأصل حتى لا يشترط قبض الواهب ويصح في الشائع [ ص: 295 ] وللواهب أن يرده على بائعه سواء كان بقضاء أو رضا لأن العقد وقع جائزا موجبا حق الفسخ فكان بالفسخ مستوفيا حقا ثابتا له فيظهر على الإطلاق بخلاف الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء فإنه لا يرده على بائعه الأول لأن الحق هنالك في وصف السلامة لا في الفسخ فافترقا وأما فمعتبر من الثلث وإن كان بقضاء فلا شيء لورثة المريض على الواهب كذا في فتاوى رد المريض الهبة في مرض موته قاضي خان وأشار المصنف إلى أن الواهب بعد التسليم لو استهلكها ضمنها ولو كان عبدا فأعتقه الواهب لم يصح عتقه كذا في فتاوى قاضي خان واعلم أن مرادهم بالفسخ من الأصل هو أن لا يترتب على العقد أثر في المستقبل لا أن يبطل أثره من كل وجه فيما مضى وإلا لعاد الزوائد المنفصلة المتولدة إلى ملك الواهب برجوعه ويحرم قبل الرد انتفاع المشتري بالمبيع قبل الرد إذا رد بعيب بقضاء وليس كذلك كذا ذكره في جامع الفصولين وفي فتاوى قاضي خان لو بطلت الجناية ويكون للواهب أن يرجع في هبته استحسانا وإذا رجع مولى العبد في هبة العبد لا يعود الدين والجناية في قول كان على العبد جناية خطأ فوهبه لولي الجناية ورواية عن محمد وفي القياس لا يصح رجوعه في الهبة وهو رواية عن الثلاثة ولو كان المولى وهب الأمة من زوجها بطل النكاح فإن رجع في الهبة بعد ذلك صح رجوعه ولا يعود النكاح كما لا يعود الدين والجناية وفي رواية يعود النكاح . ا هـ . مختصرا أبي حنيفة
[ ص: 295 ]