قال رحمه الله ( مضمون ) هذا جواب المسائل كلها ، وقال الإمام وما تلف من عمله كتخريق الثوب من دقه وزلق الجمال وانقطاع الحبل الذي يشد به الحمل وغرق السفينة من مدها الشافعي لا يضمن ; لأنه مأذون فيه فصار كالمعين للدقاق والأمر المطلق ينتظم العمل بنوعيه المعيب والسليم ولا يمكن التحرز عن الدق المعيب ولنا أن التلف حصل بفعل غير مأذون فيه ; لأن المأذون فيه هو السليم دون غيره عرفا وعادة فيضمن وفي المحيط ، ولو تخرق لتقصيره في العمل أو لعدم معرفته بالعمل يضمن عندنا ، وعند وزفر وقيد بقوله بعمله فشمل عمله بنفسه وعمل أجيره ; لأنه عمله حكما قال في المحيط : ثم زفر : الأول أن يكون في قدرته دفع ذلك الفساد فلو لم يكن له قدرة على ذلك كما لو غرقت السفينة من موج أو ريح أو جبل صدمها لا ضمان على الملاح . الثاني أن يكون محل العمل مسلما إليه بالتخلية فلو لم يكن محل العمل مسلما إليه بأن كان رب المتاع في السفينة أو وكيله فانكسرت السفينة بجذب الملاح لم يضمن . الأجير المشترك إنما يضمن ما تلف في يده بشرائط ثلاثة
وأما الثالث وهو أن يكون المضمون مما يجوز أن يضمن بالعقد فلو فلا ضمان على المكاري فيما عطب من سوقه أو قوده ، قال في المحيط لو تلف من فعل أجير القصار لا متعمدا فالضمان على القصار لا على الأجير ; لأن التلف حصل من عمل القصارة ، ولو استأجر دابة لحمل عبد صغير أو كبير ينظر إن كان يوطأ مثله لا ضمان عليه ; لأنه مأذون دلالة وإن كان لا يوطأ بأن كان رقيقا ضمن ، ولو وطئ ثوبا فتخرق فالضمان على الأستاذ ، ولو وقع من يده سراج فأحرق ثوبا من القصارة أو حمل شيئا فوقع [ ص: 32 ] على ثوب القصارة فتخرق لا يضمن ، ولو استأجر رجلا ليخدمه فوقع شيء من يده من متاع البيت ففسد ضمن الأجير ; لأنه ليس بمأذون فيه وذكر في الأصل انفلتت المدقة من يد الأجير فأصابت شيئا فضمانه على القصار ولم يفصل بين ثوب القصارة وغيره ، ومشايخنا فصلوا فقالوا إن وقع الأجير على ثوب وديعة عند الأستاذ فتخرق ضمن الأجير وإن وقع على ثوب القصارة ابتداء يضمن الأستاذ دون الأجير ; لأنها انفلتت ابتداء على ثوب الوديعة فهذا عمل غير مأذون فيه فيضمن . وقع على ثوب الوديعة ابتداء وخرقه
فأما إذا انفلتت على ثوب القصارة ابتداء فهو عمل مأذون فيه الأجير فيضمن الأستاذ وعلى هذا التفصيل إذا أصاب آدميا وقالوا لو لم يضمن ; لأنه مأذون فيه ، وكذا لو انقلبت الأواني فانكسرت بخلاف ما إذا وطئ آنية من الأواني فأفسدها يضمنها ; لأنه ليس بمأذون فيه ، ولو مشى الضيف على بساط المضيف فتخرق من مشيه فالضمان على الحمال والراعي إذا جفف القصار ثوبا على حبل فمرت حمولة فحرقته ضمن وإن كان أجيرا خاصا فلا ضمان عليه ا هـ . مختصرا . ساق الغنم فماتت أو وطئ بعضها بعضا فمات إن كان أجيرا مشتركا
وقوله من دقه أي دقه حقيقة أو حكما كدق أجيره وقوله كزلق الجمال قال في الجامع الصغير إن حصل بجناية يده ضمن وإن حصل بما لم يمكن الاحتراز عنه لا يضمن عند استأجر جمالا ليحمل له كذا إلى موضع كذا فزلق الجمال في أثناء الطريق ، الإمام وعندهما يضمن وفي الذخيرة هذا إذا تلف في وسط الطريق ، ولو زلقت رجله بعدما انتهى إلى المكان المشروط فله الأجر ولا ضمان عليه وهو قول أخيرا وعلى قوله أولا يضمن هنا أيضا وفي الولوالجية ، ولو محمد فلا ضمان على قول مطرت السماء فأفسدت الحمل أو أصابته الشمس ففسد ، وعند الإمام يضمن وفي الأصل أبي يوسف لا يضمن المملوك ويضمن الحمل قالوا إنما يضمن المتاع إذا كان الصبي لا يصلح لحفظ المتاع ; لأنه لو كان يصلح له لا يضمن المتاع ، ولو استأجر دابة ليحمل عليها شيئا فعثرت الدابة فوقع الحمل أو المملوك يضمن وقيد بزلق الجمال المستأجر ; لأنه لو لم يستأجره قال في المحيط مر بالدابة على قنطرة وفيها حجر أو ثقب فوقع فيه حمله فتلف فإن كان الحمار يطيق حمل ذلك فلا ضمان عليه وإن كان لا يطيق فإنه يضمن ا هـ . استأجر قدرا ، فلما فرغ حمله على حماره فزلق رجل الحمار فوقع فانكسر القدر
قوله وانقطاع الحبل الذي يشد به الحمل قال في الأصل إذا محمد ضمن قيد بقوله يشد به الحمل ; لأنه لو كان الحبل لصاحب المتاع لا يضمن قال في العناية ، ولو حمل بحبل صاحب المتاع فتلف لم يضمن ، وقال في الهداية وقطع الحبل من قلة اهتمامه فكان من صنعه ولقائل أن يقول تقدم أن الأجير المشترك لا يضمن ما تلف في يده إن كان الهلاك بسبب يمكن الاحتراز وفرق بأن التقصير هنا في نفس العمل فيضمن وهناك في نفس الحفظ فلا يضمن ، ولو انقطع حبل الجمال وسقط الحمل وتلف لم يضمن ; لأن التسليم إليه لم يتم ، ولو حمله ، ثم استعان في موضعه برب المتاع فوضعه فتلف ضمن عند قال رب المتاع للحمال احمله فحملاه فسقط ولم يضمن عند أبي يوسف ، ولو قال احمل أيهما شئت هذا بدرهم ، وهذا بنصف درهم فحملهما فله نصف أجرهما ونصفهما إن هلكا ، ولو حمل أحدهما أولا فهو متطوع في الثاني ويضمنه إن هلك ; لأنه حمله بغير إذن ، ولو محمد فلا أجر ولا ضمان ; لأنه ليس بمال . استأجره ليحمل له جلود ميتة فوقعها وأتلفها
ولو فلا أجر له ; لأنه ملكها بأداء الضمان وفي الواقعات استأجره ليحمل هذه الدراهم إلى فلان فأنفقها في نصف الطريق ، ثم دفع مثلها إلى فلان لم يضمن قوله وغرق السفينة من مدها أطلق في قوله من مدها فظاهره أنه يضمن سواء كان رب المتاع معه أو لم يكن وليس كذلك قال في الأصل استأجره ليحمل كذا في طريق كذا فأخذ في طريق آخر تسلكه الناس فتلف وفي الخانية أو من شيء وقع عليها أو من شيء ليس في وسعه دفعه فلا ضمان عليه وإن حصل الغرق من أمر يمكن التحرز عنه فكذلك عند الملاح إذا أخذ الأجرة وغرقت السفينة في موج أو ريح أو مطر أو فزع ، الإمام وعندهما يضمن وإن حصل الغرق من مده وصاحب المتاع معه لم يضمن وفي الأصل وإن فلا ضمان إلا أن يخالف بأن يضع فيها شيئا أو يفعل فيها فعلا متعمدا [ ص: 33 ] الفساد ، وهذا بخلاف ما إذا كان صاحب المتاع في السفينة أو وكيله وغرقت السفينة من مده ومعالجته فإن الأجير يضمن ا هـ . أجرت الدابة فسقط المتاع فهلك وصاحب المتاع معه
والمراد بالمد حبل السفينة التي تمد به وفي التتمة لم يضمن الملاح . ا هـ . استأجر سفينة ليحمل عليها الأمتعة هذه فأدخل الملاح عليها أمتعة أخرى بغير رضاه وغرقت وهي كانت تطيق ذلك
قال رحمه الله ( ولا يضمن به بني آدم ) ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة ، ولو كان بسوقه وقوده ; لأن الآدمي لا يضمن بالعقد وإنما يضمن بالجناية قيل هذا إذا كان كبيرا ممن يستمسك بنفسه ويركب وحده وإلا فهو كالمتاع . والصحيح أنه لا فرق .