( قوله ولم يتعين شيء من القرآن لصلاة ) [ ص: 363 ] لإطلاق قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } أراد بعدم التعيين عدم الفرضية وإلا فالفاتحة متعينة على وجه الوجوب لكل صلاة ، وأشار إلى كراهة لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل كتعيين سورة السجدة وهل أتى على الإنسان في فجر كل جمعة وسبح اسم ربك وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في الوتر كذا في الهداية وغيرها وظاهره أن المداومة مكروهة مطلقا سواء اعتقد أن الصلاة تجوز بغيره أو لا ; لأن دليل الكراهة لم يفصل ، وهو إيهام التفضيل وهجر الباقي فحينئذ لا حاجة إلى ما ذكره تعيين سورة لصلاة الطحاوي والإسبيجابي من أن الكراهة إذا رآه حتما يكره غيره أما لو قرأ للتيسير عليه أو تبركا بقراءته صلى الله عليه وسلم فلا كراهة لكن بشرط أن يقرأ غيرها أحيانا لئلا يظن الجاهل أن غيرها لا يجوز ا هـ .
والأولى أن يجعل دليل كراهة المداومة إيهام التعيين لا هجر الباقي ; لأنه إنما يلزم لو لم يقرأ الباقي في صلاة أخرى ، وفي فتح القدير مقتضى الدليل عدم المداومة على العدم كما يفعله حنفية العصر بل يستحب أن يقرأ ذلك أحيانا تبركا بالمأثور فإن الإيهام ينتفي بالترك أحيانا ولذا قالوا : السنة أن يقرأ في ركعتي الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وظاهر هذا إفادة المواظبة على ذلك وذلك ; لأن الإيهام المذكور منتف بالنسبة إلى المصلي نفسه . ا هـ .
وفيه نظر لما صرح به في غاية البيان من كراهة المواظبة على قراءة السور الثلاث في الوتر أعم من كونه في رمضان إماما أو لا ، فما في فتح القدير مبني على أن العلة إيهام التعيين ، وأما على ما علل به المشايخ من هجر الباقي فهو موجود سواء كان يصلي وحده أو إماما وسواء كان في الفرض أو في غيره فتكره المداومة مطلقا .