قال رحمه الله ( وإنما ) ولا يصح بغيره ، وقد بينا المعنى فيه وهو أن الرهن استيفاء والاستيفاء يتحقق في الواجب وهو الدين ، ثم وجوب الدين ظاهرا يكفي لصحة الرهن ولا يشترط وجوبه حقيقة لما ذكرنا قال في الهداية ، فإذا هلك الرهن بالموعود هلك بما يسمى من المال قال في غاية البيان فيه تسامح ; لأنه يهلك بالأقل من قيمته ومما سمي له من القرض ، ألا ترى إلى ما قال الإمام يصح بدين ، ولو موعودا الإسبيجابي في شرح ، ولو الطحاوي هلك بالأقل من قيمته ومما سمي له القرض ا هـ . أخذ الرهن بشرط أن يقرضه كذا فهلك في يده قبل أن يقرضه
قال تاج الشريعة في شرح قول المصنف حيث قال هلك بما يسمي من المال بمقابلته هذا إذا ساوى الرهن الدين قيمة وإنما أطلق جريا على العادة إذ الظاهر أن يساوي الرهن الدين ا هـ .
واقتفى أثره صاحب العناية أقول : فيه قصور بين ، فإن ما ذكر في الكتاب كما يتمشى فيما إذا ساوى قيمة الرهن أكثر من ذلك الدين فلا حاجة لتخصيصه بصورة المساواة فالحق أن يقال في البيان هذا إذا ساوى قيمة الرهن ما سمي له من القرض أو كانت قيمته أكثر من ذلك . وأما إذا كانت قيمة الرهن أقل من ذلك فيهلك بقيمة الرهن إذا فسد تقرر فيما مر أن الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين ولكن المصنف ذكر هنا قوله حيث يهلك بما سمى له من الدين في صورة الإطلاق جريا على ما هو الظاهر الغالب من كون قيمة الرهن مساوية للدين أو أكثر من ذلك قال في الفتاوى الفقيه أبو الليث إن رهنها من قبل الأجرة فالرهن بما فيه ، وإن أخذها منه ; لأنه ظنه سارقا فخشي منه يضمن صاحب الخان ، كذا قال رجل دخل المدينة ونزل خانا ، فقال صاحب الخان لا ينزل هنا أحد ما لم يعط شيئا فدفع إليه ثيابه فهلكت عنده عصام بن يوسف قال وعندي أنه لا يضمن ; لأنه لم يكن مكرها بالدفع إليه ، ولو الفقيه أبو الليث فعليه قيمة الثوب إلا أن يجاوز قيمته عشرين ; لأن الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الرهن رهن دابتين على أن يقرضه مائة ، وقيمة إحداهما [ ص: 279 ] خمسون والأخرى ثلاثون فقبض ما قيمتها خمسون فهلكت يرد خمسين ; لأنه مضمون بالقيمة لا بالمسمى كالمقبوض بجهة البيع . رهن ثوبا ، فقال أمسكه بعشرين درهما فهلك الثوب عند المرتهن قبل أن يعطيه شيئا
فإن بدا له أن يأخذ الأخرى له ذلك ولا يجبر على القرض ; لأن الرهن لازم في جانب الراهن فما شرط على الراهن في الرهن يكون لازما ، وفي حق المرتهن فيه لا يكون لازما والقرض مشروط على المرتهن فلا يكون لازما في حقه ، ولو نفقت الأخرى عند الرهن واختلف في قيمة التي هلكت عند المرتهن فالقول للمرتهن ; لأن الراهن يدعي على المرتهن زيادة ضمان وهو ينكر ، وإن نفقت إحداهما ينظر إلى قيمة الباقي فتظهر قيمة الهالك فلا يلتفت إلى اختلافهما ; لأنه أمكن معرفة ما وقع التنازع فيه لا من جهتهما ابن رستم عن رحمهما الله تعالى محمد قال لا يجوز . وقوله عليه الصلاة والسلام { رجل رهن رجلا ثوبا ، فقال له إن لم أعطك إلى كذا ، وكذا فهو بيع لك بما لك علي } هو هذا ، ولو لا يعلق الرهن ضمن الأقل من قيمة المغصوب وقيمة الرهن ; لأنه أخذه على جهة الضمان ، وليس يكون المغصوب دينا يدفع به رهنا ولكنه لما رهنه صار رهنا ، وإن لم يكن صحيحا . رهن الغاصب بالمغصوب رهنا والمغصوب منه