( باب ما يوجب القصاص وما لا يوجبه ) .
لما فرغ من بيان أنواع القتل شرع في تفصيل ما يوجب القصاص من القتل وما لا يوجبه في باب على حدة قال رحمه الله ( يجب ) لما بينا وشرط أن يكون المقتول محقون الدم على التأبيد ليدفع شبهة الإباحة عنه ; لأن القصاص نهاية في العقوبة ، فيستدعي الكمال في الجناية ، فلا يجب مع الشبهة واحترز بذلك عن المستأمن ، فإنه غير محقون الدم على التأبيد قال في العناية : وفيه البحث من أوجه الأول أن العفو مندوب إليه وذلك ينافي وصف القصاص بالوجوب الثاني أن حقن الدم على التأبيد غير متصور ; لأن غاية ما يتصور منه أن يكون للمسلم في دار الإسلام ، وهو يزول بالارتداد والعياذ بالله تعالى الثالث أنه منقوض بمسلم قتل ابنه المسلم ، فإنها موجودة فيه ، ولا قصاص الرابع أن قيد التأبيد لثبوت المساواة ، وإذا القصاص بقتل كل محقون الدم على التأبيد عمدا وجب القصاص ولا مساواة والجواب عن الأول أن المراد بالوجود ثبوت الاستيفاء ولا منافاة بينه وبين العفو وعن الثاني أن المراد بالحقن على التأبيد ما هو بحسب الأصل والارتداد عارض لا يعتبر ورجوع الحربي أصل لا عارض وعن الثالث بأن القصاص ثابت لكنه انقلب لشبهة الأبوة وعن الرابع بأن التفاوت إلى نقصان غير مانع عن الاستيفاء بخلاف العكس وفي الكافي القصاص واجب بقتل كل محقون الدم على التأبيد وليس بينهما شبهة الملك ولا شبهة الحرية يعني به [ ص: 335 ] ليس المقتول بولده ولا هو عبده ولا له عليه شيء من الرق ويقتل ، فإن قتل المستأمن مسلما أو مقطوعا أو أعمى أو مقطوع الجوارح أو أشل الجوارح أو كان صبيا أو مجنونا ، فإنه يقتل به وفي العيون كان القاتل سليما والمقتول به مغمى عليه أو مبرسما قال ضرب رجلا بسيف في غمده فخرق السيف الغمد وقتله لا قصاص عليه وقال أبو حنيفة : إن كان الغمد لو ضرب به وحده قتل قتل به وفي الكبرى والفتوى على قول محمد قال أبي حنيفة في الجامع الصغير : إذا محمد يجب القصاص فوضع المسألة يصير إلى أن الإحماء يكفي ، وإن لم يكن فيه نار قال حمي التنور فألقى فيها إنسانا أو ألقاه فيما لا يستطيع الخروج منه فأحرقته النار البقالي في فتاويه : هو الصحيح وفي البقالي إذا قتل به ، وإن كان يجيء ويذهب وفي الخانية فمكث أياما لم يزل صاحب فراش ، وإن كان يجيء ويذهب فلا وفي الجامع الصغير أيضا وذكر ألقاه في النار ثم أخرجه وبه رمق فبقي أياما مريضا من ذلك حتى مات شيخ الإسلام في شرح ديات الأصل إن إن كان الماء قليلا لا يقبل منه غالبا ويرجى منه النجاة في الغالب فمات من ذلك فهو خطأ العمد عندهم جميعا فأما إذا كان الماء عظيما إن كان بحيث يمكنه النجاة منه بالسباحة بأن كان غير مشدود ولا مثقل ، وهو يحسن السباحة فمات ، فإنه يكون خطأ العمد ، وإن كان بحيث لا يمكنه النجاة فعلى قول غرق إنسانا بالماء هو خطأ العمد فلا قصاص وعلى أبي حنيفة قولهما هو عمد محض ويجب القصاص وفي الخانية ولو لا قصاص فيه في قول ألقاه في الماء فغرق من ساعته وفي قول أبي حنيفة صاحبيه يجب القصاص .