( قوله واستخلف لو إماما ) معطوف على توضأ أي من فإنه يستخلف رجلا مكانه يأخذ بثوب رجل إلى المحراب أو يشير إليه والسنة أن يفعله محدودب الظهر واضعا يده في أنفه يوهم أنه قد رعف لينقطع عنه كلام الناس ، ولو تكلم بطلت صلاتهم ، ولو ترك ركوعا يشير بوضع يده على ركبتيه أو سجودا يشير بوضعها على جبهته أو قراءة يشير بوضعها على فمه ، وإن بقي عليه ركعة واحدة يشير بأصبع واحدة ، وإن كان اثنين فبأصبعين هذا إذا لم يعلم الخليفة ذلك أما إذا علم فلا حاجة إلى ذلك ولسجدة التلاوة بوضع أصبعه على الجبهة واللسان وللسهو على صدره وقيل يحول رأسه يمينا وشمالا كذا في الظهيرية ، ثم الاستخلاف ليس بمتعين حتى لو كان الماء في المسجد فإنه يتوضأ ويبني ولا حاجة إلى الاستخلاف كما ذكره الشارح وإذا لم يكن في المسجد فالأفضل الاستخلاف كما ذكره سبقه حدث وكان إماما المصنف في المستصفى بناء على أن الأفضل للإمام والمقتدي البناء صيانة للجماعة وللمنفرد الاستقبال [ ص: 392 ] تحرزا عن الخلاف وصححه في السراج الوهاج ، وظاهر كلام المتون أن الاستئناف أفضل في حق الكل فما في شرح المجمع لابن الملك من أنه يجب على الإمام الاستخلاف صيانة لصلاة القوم ففيه نظر وإذا استخلف لا يخرج الإمام عن الإمامة بمجرده ، ولهذا لو اقتدى به إنسان من ساعته قبل الوضوء فإنه صحيح على الصحيح كما في المحيط ، ولهذا قال في الظهيرية والخانية إن الإمام لو توضأ في المسجد وخليفته قائم في المحراب ولم يؤد ركنا فإنه يتأخر الخليفة ويتقدم الإمام
ولو فالإمام هو الثاني ، ثم الاستخلاف حقيقي وحكمي فالأول ظاهر والثاني أن يتقدم رجل واحد من القوم قبل أن يخرج الإمام من المسجد فإن صلاتهم جائزة ، ولو تقدم رجلان فأيهما سبق إلى مكان الإمام فهو أولى ، ولو خرج الإمام الأول من المسجد وتوضأ ، ثم رجع إلى المسجد وخليفته لم يؤد ركنا فمن قدمه الإمام فهو أولى ، وإن نويا معا الإمامة جاز صلاة المقتدي بخليفة الإمام وفسدت على المقتدي بخليفة القوم ، وإن تقدم أحدهما إن كان خليفة الإمام فكذلك ، وإن كان خليفة القوم فاقتدوا به ثم نوى الآخر فاقتدى به البعض جاز صلاة الأولين دون الآخرين ، ولو قدم بعض القوم رجلا والبعض رجلا فالعبرة للأكثر ، ولو استويا فسدت صلاتهم ، ولو قدم الإمام رجلا والقوم رجلا إن نوى الخليفة الإمامة من ساعته صار إماما فتفسد صلاة من كان متقدمه دون صلاته وصلاة الإمام الأول ومن على يمينه وشماله في صفه ومن خلفه استخلف الإمام من آخر الصفوف ، ثم خرج من المسجد
وإن نوى أن يكون إماما إذا قام مقام الأول وخرج الأول قبل أن يصل الخليفة إلى مكانه أو قبل أن ينوي الإمامة فسدت صلاتهم ولم يبين ، وشرط جواز صلاة الخليفة والقوم أن يصل الخليفة إلى المحراب قبل أن يخرج الإمام عن المسجد حال الإمام ، وذكر محمد أن صلاته فاسدة أيضا ، وذكر الطحاوي أبو عصمة أن صلاته لا تفسد وهو الأصح ولو جازت صلاة الكل إذا كانت الرحبة متصلة بالمسجد كذا في الظهيرية وإذا استخلف الإمام رجلا فإنه يتعين للإمامة إن قام مقام الأول حتى لو تأخر بعد التقدم فسدت صلاته وإذا قام الخليفة مقامه صار الأول مقتديا به خرج من المسجد أو لا حتى لو تذكر فائتة أو تكلم لم تفسد صلاة القوم ومقتضى ما قدمناه أنه لا يصير مقتديا بالخليفة ما دام في المسجد وللخليفة الاستخلاف إذا أحدث فلو استخلف الخليفة من غير حدث إن قدمه قبل أن يقوم في مكان الإمامة والإمام في المسجد جاز ، ولو لم يستخلف في المسجد واستخلف من الرحبة ، وفيها قوم جاز إذا كان الأول في المسجد ، ولو تذكر الخليفة أنه على غير وضوء فقدم آخر ولم يقم في موضع الإمامة جاز ، ولو لم يقم الخليفة في موضع الإمامة حتى أحدث فدخل الأول فقدمه لم يجز والمسألة متأولة وتأويلها إذا كان مع الإمام رجل آخر سواه ، ولو كبر [ ص: 393 ] الخليفة ينوي الاستقبال جازت صلاة من استقبل وفسدت صلاة من لم يستقبل ، وكذا صلاة الإمام الأول تفسد إن بنى على صلاة نفسه أحدث الخليفة بعد ما قام في موضع الإمامة فانصرف فقبل أن يخرج دخل الأول متوضئا فقدمه
وفي الخلاصة ، فإن نوى الثاني بعد ما تقدم إلى المحراب أن لا يكون خليفة للأول ويصلي صلاة نفسه لم يفسد ذلك صلاة من اقتدى به ، وفي المجتبى والإمام المحدث على إمامته ما لم يخرج من المسجد أو يقوم خليفته مقامه أو يستخلف القوم غيره أو يتقدم بنفسه ، وفي الظهيرية رجلان وجدا في السفر ماء قليلا فقال أحدهما هو نجس وقال الآخر هو طاهر فتوضأ أحدهما وتيمم الآخر ، ثم أمهما من توضأ بماء مطلق ، ثم سبقه الحدث يصلي كل واحد من المقتديين وحده من غير أن يقتدي بالآخر فلو رجع الإمام بعد ما توضأ يقتدي بمن يظنه طاهرا ا هـ .
ظاهره أنه لا فرق بين أن يخرج الإمام من المسجد أو لم يخرج وإذا خرج الإمام من المسجد خرج عن الإمامة ولم يبق لهما إمام ، وقد صرحوا ببطلان صلاة المقتدي في هذه الحالة ولذا قال في المحيط فصلاة الإمام تامة وصلاة المقتدي فاسدة ; لأنه لم يبق له إمام في المسجد ا هـ . رجل أم رجلا فأحدثا معا وخرجا من المسجد
فبقاؤهما فيها من غير إمام مشكل إلا أن يقال ذلك للضرورة إذ لا يمكن اقتداء أحدهما بالآخر ; لأن المتيمم إن تقدم ففي اعتقاد المتوضئ أن تيممه باطل لطهارة الماء عنده
وإن تقدم المتوضئ ففي اعتقاد المتيمم أنه توضأ بماء نجس والله سبحانه أعلم ، وفي المجتبى ، وفي جواز اختلاف المشايخ . الاستخلاف في صلاة الجنازة
( قوله كما لو حصر عن القراءة ) أي جاز لمن سبقه الحدث الاستخلاف إذا كان إماما كما جاز بوزن تعب فعلا ومصدرا العي وضيق الصدر ويقال حصر يحصر حصرا من باب علم ويجوز أن يكون حصر فعل ما لم يسم فاعله من حصره إذا حبسه من باب نصر ومعناه منع وحبس عن القراءة بسبب خجل أو خوف قال في غاية البيان وبالوجهين حصل لي السماع ، وقد وردت اللغتان بهما في كتب اللغة كالصحاح وغيره ، وأما إنكار للإمام الاستخلاف إذا عجز عن القراءة وحصر المطرزي ضم الحاء فهو في مكسور العين ; لأنه لازم لا يجيء له مفعول ما لم يسم فاعله لا في مفتوح العين لأنه متعد يجوز بناء الفعل منه للمفعول وصورة المسألة إذا أما إذا نسي القراءة أصلا لا يجوز الاستخلاف بالإجماع ; لأنه صار أميا واستخلاف الأمي لا يجوز هذا كله عند لم يقدر الإمام على القراءة لأجل خجل يعتريه ، وقالا لا يجوز ; لأنه يندر وجوده وله أن الاستخلاف في الحدث بعلة العجز وهو هنا ألزم والعجز عن القراءة غير نادر وأشار بالمنع عن القراءة إلى أنه لم يقرأ مقدار الفرض فيفيد أنه لو قرأه لا يجوز الاستخلاف إجماعا لعدم الحاجة إليه أبي حنيفة
وذكره في المحيط بصيغة قيل وظاهره أن المذهب الإطلاق وهو الذي ينبغي اعتماده لما صرحوا في بأنها لا تفسد على الصحيح سواء [ ص: 394 ] قرأ الإمام ما تجوز به الصلاة أو لا ، فكذلك هنا يجوز الاستخلاف مطلقا وقيد بالمنع عنها ; لأنه لو فتح المصلي على إمامه لم يجز فلو قعد وأتم صلاته جاز ، ولو صار الإمام حاقنا بحيث لا يمكنه المضي فذكر في غير رواية الأصولي أن على قول أصاب الإمام وجع في البطن فاستخلف رجلا ليس له أن يستخلف وعلى قول أبي حنيفة له ذلك أبي يوسف فرق بين هذا وبين مسألة الحصر في القراءة كذا في الظهيرية والحاقن الذي له بول كثير كذا في المغرب ، وفي غاية البيان ، ثم عندهما إذا لم يستخلف كيف يصنع ؟ قال بعض الشارحين يتم صلاته بلا قراءة إلحاقا له بالأمي وهذا سهو ; لأن مذهبهما أنه يستقبل وبه صرح أبو حنيفة فخر الإسلام في شرح الجامع الصغير ; لأنه قال في عامة الكتب أن الحصر لما كان نادرا أشبه الجنابة وبها لا تتم الصلاة فكذا بالحصر ا هـ .
والعجب من الشارح أنه جعل الحصر عن القراءة كالجنابة ونقل عنهما أنه يتمها بغير قراءة ، وكذا المحقق في فتح القدير ، وفي البائع وعندهما لا يجوز وتفسد صلاتهم وهو شاهد لما في غاية البيان والظاهر أن عنهما روايتين .