قال رحمه الله ( فقأ عيني عبد دفع سيده عبده وأخذ [ ص: 440 ] قيمته أو أمسكه ولا يأخذ النقصان ) أي إذا فالمولى بالخيار إن شاء دفع العبد المفقوء إلى الفاقئ وأخذ قيمته كاملا وإن شاء أمسكه ولا شيء له وهذا عند فقأ رجل عيني عبد وقالا إن شاء أمسك العبد وأخذ ما أنفقه وإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته وقال أبي حنيفة يضمنه كل القيمة ويمسك الجثة لأنه يجعل الضمان مقابلا بالفائت فبقي الباقي على ملكه كما إذا قطع إحدى يديه وفقأ إحدى عينيه ونحن نقول المالية قائمة في الذوات وهي معتبرة في حق الأطراف . الشافعي
فصار اعتبار المالية في الذوات دون الأطراف ساقطا بل المالية تعتبر في الأطراف أيضا بل اعتبار المالية في الأطراف أولى لأنها يسلك بها مسالك الأموال فإذا كانت المالية معتبرة وقد وجد أيضا إتلاف النفس من وجه بتفويت جنس المنفعة وهذا الضمان مقدر بقيمة الكل فوجب أن يتملك الجثة دفعا للضرر عنه ورعاية للمالية بخلاف ما إذا لأنه ليس فيه معنى المالية وبخلاف فقأ عيني حر لأنه لا يقبل النقل من ملك إلى ملك وفي عيني المدبر لم يوجد تفويت جنس المنفعة فإذا ثبت هذا جئنا إلى تعليل مذهب الفريقين . لهما أن العبد في حكم الجناية على أطرافه بمنزلة المال حتى لا يجب القود فيها ولا تتحملها العاقلة وتجب قيمته بالغة ما بلغت فكان معتبرا بالمال فإذا كان معتبرا به وجب تخيير المولى على الوجه الذي قلناه كما في سائر الأموال فإن قطع إحدى اليدين وفقء إحدى العينين يوجب تخيير المالك إن شاء دفع الثوب وضمن قيمته وإن شاء أمسكه وضمنه النقصان وله أن المالية وإن كانت معتبرة في الذات والآدمية أيضا غير مهدرة فيه وفي الأطراف ألا ترى أن خرق ثوب الغير خرقا فاحشا يؤمر مولاه بالدفع أو الفداء وهذا من أحكام الآدمية لأن موجب الجناية على المال إن تابع رقبته فيها ثم من أحكام الآدمية أن لا ينقسم الضمان على الجزء الفائت والقائم بل يكون بإزاء الفائت لا غير ولا يتملك الجثة ومن أحكام المالية أن ينقسم على الجزء الفائت والقائم ويتملك الجثة فوفرنا على الشبهين حظهما فقلنا بأنه لا ينقسم اعتبارا للآدمية ويتملك الجثة اعتبارا للمالية . عبدا لو قطع يد عبد آخر
وهذا أولى مما قالاه إذ فيما قالاه اعتبار جانب المالية فقط وهو أدنى وإهدار جانب الآدمية وهو أعلى ومما قاله أيضا لأن فيه اعتبار الآدمية فقط والشيء إذا أشبه شيئين يوفر عليه حظهما . الشافعي