قال رحمه الله ( وبمائة لرجل ، وبمائة لآخر فقال لآخر أشركتك معهما ) له ثلث ما لكل منهما ، وبأربعمائة له ، وبمائتين لآخر فقال لآخر أشركتك معهما له نصف ما لكل واحد منهما يعني إذا فله ثلث كل مائة ، ولو أوصى لرجل بمائة درهم ، ولآخر بمائة ثم قال لآخر قد أشركتك معهما كان له نصف ما لكل واحد منهما لأن الشركة للمساواة لغة ، ولهذا حمل قوله تعالى { أوصى لرجل بأربعمائة درهم ، ولآخر بمائتين ثم قال لآخر قد أشركتك معهما فهم شركاء في الثلث } على المساواة .
وقد أمكن إثبات المساواة بين الكل في الأول لاستواء المالين فيأخذ هو من كل واحد منهما ثلث المائة فتم له ثلثا المائة ، ويأخذ من كل واحد منهما ثلثي المائة ولا يمكن المساواة بين الكل في الثانية لتفاوت المالين فحملناه على مساواة الثالث مع كل واحد منهما بما سماه له فيأخذ النصف من كل واحد من المالين ، ولو فإن كانت قيمة الجاريتين متفاوتة له نصف كل واحدة منهما بالإجماع ، وإن كانت قيمتهما على السواء فله ثلث كل واحدة منهما عندهما ، وعند أوصى لرجل بجارية ، ولآخر بجارية أخرى ثم قال لآخر أشركتك معهما له نصف كل واحدة منهما بناء على أنه لا يرى قسمة الرقيق فيكونان كجنسين مختلفين ، وهما يريانها فصار كالدراهم المتساوية ، ولو أبي حنيفة فالثلث بينهما لما ذكرنا قال صاحب العناية وما ذكره أوصى لرجل بثلث ماله ثم قال لآخر أشركتك أو أدخلتك أو جعلتك معه المؤلف استحسان ، والقياس له نصف كل مائة لأن لفظ الاشتراك يقتضي التسوية عند الإطلاق قال الله تعالى { فهم شركاء في الثلث } وقد أشرك الثالث فيما أوصى به لكل واحد منهما في استحقاق المائة ، وذلك يوجب أن يكون له نصف كل مائة وجه الاستحسان أنه أثبت الشركة بينهم ، وهي تقتضي المساواة ، وإنما ثبتت المساواة إذا لم يؤخذ من كل واحد منهما نصف المائة فعلم بهذا أنه شركة معهما جملة واحدة فلا يعتبر بإشراكه إياه مع كل واحد منهما متفرقا ا هـ .