قال رحمه الله ( وبيع التركة كقبوله ) شرع المؤلف يبين أن تارة يكون باللفظ وتارة يكون بالفعل [ ص: 523 ] فالقبول بالفعل بأن يبيع الوصي التركة قبل القبول باللفظ فهو قبول دلالة الالتزام وهو معتبر بالموت وينفذ البيع لصدوره من الموصي سواء علم بالإيصاء أو لم يعلم بخلاف الوكيل حيث لا يكون وكيلا من غير علم ; لأن التوكيل إنابة في حال قيام ولاية الموكل . القبول
ولا يصح من غير علم كإثبات الملك في البيع ، والشراء فلا بد من العلم وطريق العلم به أن يخبره واحد من أهل التمييز ، وقد تقدم بيانه أما الإيصاء فخلافه ; لأنه مختص بحال انقطاع ولاية الميت فلا يتوقف على العلم كالوراثة قال رحمه الله ( وإن صح إن لم يخرجه قاض منذ قال لا أقبل ) أي الموصي إليه إن لم يقبل حتى مات الموصي فقال لا أقبل ثم قال أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال لا أقبل ; لأن مجرد قوله لا أقبل لا يبطل الإيصاء ; لأن فيه ضررا بالميت وضرر الموصى له في الإبقاء مجبور بالثواب ودفع الضرر الأول أولى إلا أن القاضي إذا أخرجه عن الوصية يصح ذلك ; لأنه مجتهد فيه فكان له إخراجه بعد قوله لا أقبل كما أن له إخراجه بعد قبوله أولا ; لأنه نصب ناظرا فإذا رأى غيره أصلح منه كان له عزله ونصب غيره وربما يعجز هو عن ذلك فيتضرر بالوصية فيدفع القاضي الضرر وينصب حافظا لمال الميت متصرفا فيه فيدفع الضرر من الجانبين ، ولو مات الموصي فقال لا أقبل ثم قبل لا يلتفت إليه ; لأنه قبل بعدما بطلت الوصية بإخراج القاضي إياه قال في العناية وطولب قال : أقبل بعدما أخرجه القاضي . بالفرق بين الموصى له ، والموصي إليه
فإن قبول الأول في الحال غير معتبر حتى لو كان صحيحا بخلاف الثاني فإنه إذا قبله في حال الحياة ثم رده بعد الموت لا يصح ، وفي أن قبوله حال حياته معتبر وقبول الأول في حال الحياة غير معتبر وأجيب بأن الإيصاء يقع للميت فكان ردها بغير علمه إضرارا به فلا يجوز بخلاف الأول وقوله بخلاف الوكيل بشراء عبده بغير عينه أو يبيع ماله حيث يصح رده في غيبته وبغير علمه ; لأنه لا ضرر قال صاحب النهاية : هذا الذي ذكره مخالف لعامة روايات الكتب من الذخيرة وأدب القاضي قبل حال حياة الموصي ثم رده بعد وفاته للصدر الشهيد ، والجامع الصغير للمحبوبي ، وفي كل واحد منهما ما يدل على أن لم يخرج عن الوكالة حال غيبة الموكل وقول المؤلف إن لم يخرجه قاض إلى آخره اختلف المشايخ في هذا الإخراج قال في العناية : فمنهم من قال حكم في فصل مجتهد فيه فينفذ وإليه ذهب الوكيل إذا عزل نفسه من غير علم الموكل الإمام السرخسي واختاره المصنف ومنهم من قال : إنما صح ; لأنها لو صحت بقبوله كان للقاضي أن يخرجه ويصح الإخراج فهذا أولى وإليه ذهب الحلواني .