قال رحمه الله ( ويبطل فعل أحد الوصيين ) أي إذا لم يكن لأحدهما أن يتصرف في مال الميت فإن تصرف فيه فهو باطل وهذا عند أوصى إلى اثنين أبي حنيفة ، وقال ومحمد ينفرد كل واحد منهما بالتصرف ثم قيل الخلاف فيما إذا أبو يوسف وأما إذا أوصى إلى كل واحد منهما بعقد أو أوصى إليهما بعقد على حده ومحل الخلاف إذا كان ذلك في عقدين وأما إذا كان في عقد واحد فلا ينفرد أحدهما بالإجماع فكذا ذكره أوصى إليهما معا الكيساني وقيل الخلاف في الفصلين جميعا ، ذكره أبو بكر الإسكاف ، وقال في المبسوط وهو الأصح ولا يخفى أن المراد من البطلان التوقف على إجازة الآخر أو رده بخلاف الوكيلين إذا وكلهما متفرقا حيث ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بالإجماع .
والفرق أن ضم الثاني في الإيصاء دليل على عجز الأول عن المباشرة وحده وهذا ; لأن ضم الإيصاء إلى الثاني يقصد به الاشتراك مع الأول ، وهو يملك الرجوع عن الوصية للأول فيملك اشتراك الثاني معه ، وقد يوصي الإنسان إلى غيره على أنه يتمكن من إتمام مقصوده وحده ثم يتبين له عجزه عن ذلك فيضم إليه غيره ، فصار بمنزلة الإيصاء إليهما معا ولا كذلك الوكالة فإن رأي الموكل قائم ولو كان الوكيل عاجزا لباشر بنفسه لتمكنه من ذلك ولما وكل علم أن مراده أن ينفرد كل واحد منهما بالتصرف ولأن وجوب الوصية عند الموت فيثبت لهما معا بخلاف الوكالة المتعاقبة فإذا ثبت أن الخلاف فيهما معا يقول : إن الوصايا سبيلها الولاية وهي وصف شرعي لا يتجزأ فيثبت لكل واحد كاملا كولاية الإنكاح للأخوين وهذه ; لأن الوصايا خلافة ، وإنما تتحقق الخلافة إذا انتقلت إليه كذلك فلأن اختيار الموصي أيهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما بالشفقة [ ص: 525 ] إليه ولهما أن الولاية تثبت عند الموت فيراعى وصف ذلك ، وهو وصف الاجتماع ; لأنه شرط مفيد ; لأن رأي الواحد لا يكون كرأي الاثنين ولم يرض الموصي إلا بالاثنين فصار كل واحد في هذا السبب بمنزلة شطر العلة وهو لا يثبت به الحكم فكان باطلا بخلاف الأخوين في النكاح ; لأن السبب هناك القرابة ، وقد قامت بكل واحد منهما كلا ولأن الإنكاح حق مستحق لها على الولي حتى لو طالبته بإنكاحها من كفء يخطبها يجب عليه وهاهنا حق التصرف للوصي . فأبو يوسف
ولهذا بقي مخيرا في التصرف ففي الوليين أولى حتما على صاحبه ، وفي الوصيين استوفى حقا لصاحبه ، فلا يصح نظير الأول إيفاء دين عليهما ونظير الثاني استيفاء دين لهما حيث يجوز في الأول دون الثاني بخلاف مواضع الاستثناء ; لأنها من باب الضرورة لا من باب الولاية على ما نبينه ومواضع الضرورة مستثناة دائما أبدا وهو ما استثناه في الكتاب وأخواتها .