( قوله وندب الأربع قبل العصر والعشاء وبعدها والست بعد المغرب ) بيان أما الأربع قبل العصر فلما رواه للمندوب من النوافل الترمذي وحسنه عن رضي الله عنه قال { علي } وروى كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين أبو داود عنه { } فلذا خيره في الأصل بين الأربع وبين الركعتين [ ص: 54 ] والأفضل الأربع وإنما لم تكن الركعتان سنة راتبة لأنها ثابتة بيقين ويكون الأربع مستحبا لأنه لم يذكر في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين رضي الله عنها للعصر سنة راتبة أصلا كما في البدائع فلذا لم يجعل له سنة وأما الأربع قبل العشاء فذكروا في بيانه أنه لم يثبت أن التطوع بها من السنن الراتبة فكان حسنا لأن العشاء نظير الظهر في أنه يجوز التطوع قبلها وبعدها كذا في البدائع ولم ينقلوا حديثا فيه بخصوصه لاستحبابه وأما الأربع بعدها ففي سنن عائشة أبي داود عن قال سألت شريح بن هانئ عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت { عائشة } قال في فتح القدير الذي يقتضيه النظر كون الأربع بعد العشاء سنة لنقل المواظبة عليها في ما صلى العشاء قط فدخل بيتي إلا صلى فيه أربع ركعات أو ست ركعات أبي داود فإنه نص في مواظبته على الأربع دون الست للمتأمل ا هـ .
وقد يقال إنما لم تكن الأربع سنة لما في الصحيحين عن { قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين بعد الجمعة ابن عمر } وحدثتني { حفصة بنت عمر } ا هـ فهو معارض لنقل المواظبة على الأربع فلذا لم تكن سنة وأما الستة بعد المغرب فلما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال { ابن عمر إنه كان للأوابين غفورا } } من صلى بعد المغرب ست ركعات كتب من الأوابين وتلا قوله تعالى {
وذكر في التجنيس أنه يستحب أن يصلي الست بثلاث تسليمات ولم يذكر المصنف من المندوبات الأربع بعد الظهر وصرح باستحبابها جماعة من المشايخ لحديث أبي داود والترمذي وحكى في فتح القدير اختلافا بين أهل عصره في مسألتين الأولى والنسائي الثانية على تقدير الأول هل يؤدي الكل بتسليمة واحدة أو بتسليمتين واختار الأول فيهما وأطال [ ص: 55 ] الكلام فيه إطالة حسنة كما هو دأبه وظاهره أنه لم يطلع عليه في كلام من تقدمه ولم يذكر هل السنة المؤكدة محسوبة من المستحب في الأربع بعد الظهر وبعد العشاء وفي الست بعد المغرب أو لا المصنف من المندوبات صلاة الضحى للاختلاف فيها فقيل لا تستحب لما في صحيح من إنكار البخاري لها وقيل مستحبة لما في صحيح ابن عمر عن مسلم { عائشة } وهذا هو الراجح ولا يخالفه ما في الصحيحين عنها { أنه عليه السلام كان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء } لاحتمال أنها أخبرت في النفي عن رؤيتها ومشاهدتها وفي الإثبات عن خبره عليه السلام أو خبر غيره عنه أو أنها أنكرتها مواظبة وإعلانا ويدل لذلك كله قولها وإني لأسبحها وفي رواية الموطإ وإني لأستحبها من الاستحباب وهو أظهر في المراد وظاهر ما في المنية يدل على أن أقلها ركعتان وأكثرها ثنتا عشرة ركعة لما رواه ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها في الكبير عن الطبراني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي الدرداء } قال من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من العابدين ومن صلى ستا كفى ذلك اليوم ومن صلى ثمانيا كتبه الله من القانتين ومن صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة وما من يوم وليلة إلا ولله من يمن به على عباده وصدقة وما من الله على أحد من عباده أفضل من أن يلهمه ذكره ورواته ثقات ولم أر بيان أول وقتها وآخره لمشايخنا هنا ولعلهم تركوه للعلم به وهو أنه من ارتفاع الشمس إلى زوالها كما لا يخفى ثم رأيت صاحب البدائع صرح به في كتب الأيمان فيما إذا حلف ليكلمنه الضحى فقال أنه من الساعة التي تحل فيها الصلاة إلى الزوال وهو وقت صلاة الضحى ا هـ . المنذري
. وقد قدمناها في أحكام المسجد قبيل باب الوتر وصرح في الخلاصة باستحبابها وأنها ركعتان ومن المندوبات تحية المسجد كما في شرح النقاية والتبيين ومن المندوبات ركعتان عقيب الوضوء وقد أفصحت السنة ببيانها فعن ومن المندوبات صلاة الاستخارة [ ص: 56 ] قال { جابر } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجله فاصرفه عني واصرفني عنه وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به قال ويسمي حاجته وغيره البخاري وهي ركعتان كما ذكره في شرح منية المصلي مع ما قبله من الاستخارة والأحاديث بها مذكورة في الترغيب والترهيب ومن المندوبات صلاة الحاجة حثت السنة الشريفة عليها كثيرا وأفادت أن لفاعلها أجرا كبيرا فمنها ما في صحيح ومن المندوبات صلاة الليل مرفوعا { مسلم } وروى أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل مرفوعا { ابن خزيمة } وروى عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم مرفوعا { الطبراني } ا هـ . لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل
وهو يفيد أن هذه السنة تحصل بالتنفل بعد صلاة العشاء قبل النوم وقد تردد في فتح القدير في صلاة التهجد أهي سنة في حقنا أم تطوع وأطال الكلام على وجه التحقيق كما هو دأبه وأوسع منه ما ذكره في أواخر شرح منية المصلي ومن المندوبات كما وردت به الأحاديث وذكرها في الترغيب والترهيب مفصلة والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد قال في الحاوي القدسي ولا يصلى تطوع بجماعة غير التراويح وما روي من الصلوات في الأوقات الشريفة كليلة القدر وليلة النصف من شعبان وليلتي العيد وعرفة والجمعة وغيرها تصلى فرادى انتهى ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب [ ص: 57 ] في أول ليلة جمعة منه وأنها بدعة وما يحتاله إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان أهل الروم من نذرها لتخرج عن النفل والكراهة فباطل وقد أوضحه العلامة الحلبي وأطال فيه إطالة حسنة كما هو دأبه وفي الفتاوى البزازية
[ ص: 54 ]