( قوله ومن أيتم وتركها وإلا لا ) [ ص: 79 ] لأن الأصل أن سنة الفجر لها فضيلة عظيمة قال عليه الصلاة والسلام { خاف فوت الفجر إن أدى سنته } وكذا ما قدمناه وكذا للجماعة بالأحاديث المتقدمة فإذا تعارضا عمل بها بقدر الإمكان وإن لم يمكن بأن خشي فوت الركعتين أحرز أحقهما وهو الجماعة لورود الوعد والوعيد في الجماعات والسنة وإن ورد الوعد فيها لم يرد الوعيد بتركها ولأن ثواب الجماعة أعظم لأنها مكملة ذاتية والسنة مكملة خارجية والذاتية أقوى وشمل كلامه ما إذا كان يرجو إدراكه في التشهد فإنه يأتي بالسنة وظاهر ما في الجامع الصغير حيث قال إن خاف أن تفوته الركعتان دخل مع الإمام أن لا يأتي بالسنة وفي الخلاصة ظاهر المذهب أنه يدخل مع الإمام ورجحه في البدائع بأن للأكثر حكم الكل فكأن الكل قد فاته فيقدم الجماعة ونقل في الكافي والمحيط أنه يأتي بها عندهما خلافا ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها لأن إدراك القعدة عندهما كإدراك ركعة في الجمعة خلافا له وقد جعل لمحمد المصنف لسنة الفجر حكمين أما الفعل إن لم يخف فوت الجماعة وهو المراد بفوت الفجر بقرينة قوله أيتم
وأما الترك إن خاف فوت الجماعة فاندفع ما ذكره الفقيه إسماعيل الزاهد من أنه ينبغي أن يفتتح ركعتي الفجر ثم يقطعهما ويدخل مع الإمام حتى تلزمه بالشروع فيتمكن من القضاء بعد الفجر وهو مردود من وجهين أحدهما ما ذكره الإمام السرخسي أن ما وجب بالشروع لا يكون أقوى مما وجب بالنذر وقد نص أن المنذورة لا تؤدى بعد الفجر قبل طلوع الشمس ثانيهما ما ذكره محمد قاضي خان في شرح الجامع الصغير أن المشايخ نكروا عليه ذلك لأن هذا أمر بافتتاح الصلاة على قصد أن يقطع ولا يتم وأنه غير مستحسن ثم إن هنا قيدا تركه المصنف في قوله وإلا لا وهو أن يجد مكانا عند باب المسجد يصلي السنة فيه فإن لم يجد فينبغي أن لا يصلي السنة لأن ترك المكروه مقدم على فعل السنة كذا في فتح القدير وهو متفرع على أحد القولين لما في المحيط ولو قيل لا يكره لأنه لا يتصور بصورة المخالفة للقوم لاختلاف المكان حقيقة وقيل يكره لأن ذلك كله كمكان واحد فإذا اختلف المشايخ فيه كان الأفضل أن لا يفعل ا هـ . صلاهما في المسجد الخارج والإمام يصلي في المسجد الداخل
فالحاصل أن حكم المصلي نافلة أو سنة لا يخلو إما أن يكون قبل شروع الإمام في الفرض أو بعده فإن كان الأول لا يخلو إما أن يكون وقت إقامة المؤذن أو قبله فإن كان قبل إقامة المؤذن فله أن يأتي بهما في أي موضع أراد من المسجد أو غيره إلا في الطريق كما قدمناه وإن كان وقت إقامة المؤذن ففي البدائع إذا يكره له التطوع سواء كان ركعتي الفجر أو غيرهما لأنه يتهم بأنه لا يرى صلاة [ ص: 80 ] الجماعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { دخل المسجد للصلاة وقد كان المؤذن أخذ في الإقامة } ا هـ . من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم
وبحث العلامة الحلبي بأن هذا الظن يزول عنه في ثاني الحال إذا شوهد شروعه فيها بعد فراغه من السنة
وقد نص في كتب الصلاة من الأصل في المؤذن يأخذ في الإقامة أيكره أن يتطوع قال نعم إلا ركعتي الفجر واختلف المشايخ في فهمه فمنهم من قال موضوعها فيما إذا انتهى إلى الإمام وقد سبقه بالتكبير فيأتي بركعتي الفجر وعامتهم على الإطلاق سواء وصل إلى الإمام بعد شروعه أو قبله في الإقامة كما ذكره محمد فخر الإسلام ا هـ .
يعني فما في البدائع من التعميم لركعتي الفجر ليس على قول العامة ويشهد له ما في الحاوي القدسي والمحيط ولا يتطوع إذا أخذ المؤذن في الإقامة إلا ركعتي الفجر ا هـ .
إلا أنه قد يقال إن ما يوقع في التهمة لا يرتكب وإن ارتفعت بعده كما ورد عن إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره وإن كان الثاني فيكره له أن يشتغل بنفل أو سنة مؤكدة إلا سنة الفجر على التفصيل السابق ثم السنة في السنن أن يأتي بها في بيته أو عند باب المسجد وإن لم يمكن ففي المسجد الخارج وإن كان المسجد واحدا فخلف الأسطوانة ونحو ذلك أو في آخر المسجد بعيدا عن الصفوف في ناحية منه وتكره في موضعين الأول أن يصليها مخالطا للصف مخالفا للجماعة الثاني أن يكون خلف الصف من غير حائل بينه وبين الصف والأول أشد كراهة من الثاني وأما السنن التي بعد الفرائض فالأفضل فعلها في المنزل إلا إذا خاف الاشتغال عنها لو ذهب إلى البيت فيأتي بها في المسجد في أي مكان منه ولو في مكان صلى فيه فرضه والأولى أن يتنحى خطوة ويكره للإمام أن يصلي في مكان صلى فيه فرضه كذا في الكافي وغيره . علي