وأما فقيل الحدث والخبث ونسبه الأصوليون إلى أهل الطرد قالوا للدوران وجودا وعدما وعزاه في السراج الوهاج إليهم وفي الخلاصة أنه أخذ به سبب وجوبها الإمام السرخسي في الأصل ويبعد صحته عنه ; لأنه مردود بأن الدوران وجودا غير موجود ; لأنه قد يوجد الحدث ولا يجب الوضوء قبل دخول الوقت كذا في غاية البيان وقد يدفع بأنه يجب به الوضوء وجوبا موسعا إلى القيام إلى الصلاة لما نقله السراج الوهاج من أنه لا يأثم بالتأخير عن الحدث بالإجماع وهكذا في الغسل على ما نبينه فيه أن شاء الله تعالى فحينئذ لم يتخلف الدوران ورد أيضا بإنهما ينقضانها فكيف يوجبانها ودفعه في فتح القدير وغيره بأنهما ينقضان ما كان ويوجبان ما سيكون فلا منافاة .
وأجاب عنه العلامة السيرامي بأن الحدث مفض إلى الوجوب والوجوب إلى الوجود والمفضي إلى المفضي إلى الشيء مفض إلى ذلك الشيء ، فالحدث مفض إلى وجود الطهارة ووجودها مفض إلى زوال الحدث ، فالحدث مفض إلى زوال نفسه ا هـ .
وفي فتح القدير
والأولى أن يقال السببية إنما تثبت بدليل الجعل لا بمجرد التجويز ، وهو مفقود ا هـ .
وقد يدفع بأنه موجود لما رواه في الكشف الكبير عنه عليه الصلاة والسلام { } وحرف عن يدل على السببية كقوله { لا وضوء إلا عن حدث } ; ولذا كان الرأس بوصف المؤنة والولاية سببا لوجوب صدقة الفطر ، ويمكن أن يجاب عنه بأن الدليل لما دل على عدم صلاحية الحدث للسببية كان دخول عن على الحدث باعتبار أنه شبيه بالسبب بالنظر إلى التوقف والتكرر دليل السببية عند الصلاحية ، وهي منتفية ، فلا تدل وقيل سببها إقامة الصلاة فهو ، وإن صححه في الخلاصة فقد نسبه في العناية إلى أدوا عمن تمونون أهل الظاهر ، وصرح في غاية البيان بفساده لصحة الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات ما دام متطهرا وقد يدفع بأن الإقامة سبب بشرط الحدث ، فلا يلزم ما ذكر خصوصا أنه ظاهر الآية ، وقيل سببها إرادة الصلاة ، وهو وإن صححه في الكشف وغيره مردود بأن مقتضاه أنه إذا أثم ، ولو لم يصل والواقع خلافه ; لأنه لم يقل به أحد كما أشار إليه في فتح القدير ، وقد يدفع بما ذكره أراد الصلاة ، ولم يتوضأ الزيلعي في باب الظهار بأنه إذا أراد الصلاة وجبت عليه الطهارة
فإذا رجع وترك التنفل سقطت الطهارة ; لأن وجوبها لأجلها وفي العناية سببها وجوب الصلاة لا وجودها ; لأن وجودها مشروط بها فكان متأخرا عنها والمتأخر لا يكون سببا للمتقدم ا هـ .
يعني : الأصل أن يكون وجودها هو السبب بدليل الإضافة نحو طهارة الصلاة ، وهي عندهم من أمارة السببية لكن منع مانع من ذلك ، وظاهره أنه بدخول الوقت تجب الطهارة لكنه وجوب موسع كوجوب الصلاة فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا وحينئذ فلا حاجة إلى جعل سببها وجوب أداء الصلاة كما في فتح القدير لما علمت أن أصل الوجوب كاف للسببية إلا أنه مشكل لعدم شموله سبب الطهارة للصلاة النافلة إذ لا وجوب [ ص: 10 ] هنا ليكون سببا للطهارة ، فليس فيه إلا الإرادة فالظاهر أن السبب هو الإرادة في الفرض والنفل ويسقط وجوبها بترك إرادة الصلاة أو هو الإرادة المستلحقة للشروع فلا يرد ما ذكر عليها .