( قوله ولا في مسجد ) لحديث أبي داود مرفوعا { فلا أجر له ، وفي رواية فلا شيء له صلى على ميت في المسجد } أطلقه فشمل ما إذا كان الميت والقوم في المسجد أو كان الميت خارج المسجد والقوم في المسجد أو كان الإمام مع بعض القوم خارج المسجد والقوم الباقون في المسجد أو الميت في المسجد و الإمام والقوم خارج المسجد وهو المختار خلافا لما أورده من النسفي كذا في الخلاصة ، وهذا الإطلاق في الكراهة بناء على أن المسجد إنما بني للصلاة المكتوبة وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم وقيل لا يكره إذا كان الميت خارج المسجد ، وهو مبني على أن الكراهة لاحتمال تلويث المسجد والأول هو الأوفق لإطلاق الحديث كذا في فتح القدير فما في غاية البيان والعناية من أن الميت وبعض القوم إذا كانا خارج المسجد والباقون فيه لا كراهة اتفاقا ممنوع ، وقد يقال إن الحديث يحتمل ثلاثة أشياء : أن يكون الظرف ، وهو قوله في مسجد ظرفا للصلاة والميت وحينئذ فللكراهة شرطان كون الصلاة في المسجد ، وكون الميت فيه فإذا فقد أحدهما فلا كراهة ، الثاني أن يكون ظرفا للصلاة فقط فلا يكره إذا كان الميت في المسجد والقوم كلهم خارجه ، الثالث أن يكون ظرفا للميت فقط وحينئذ حيث كان خارجه فلا كراهة ، وما اختاروه كما نقلناه لم يوافق واحدا من الاحتمالات الثلاثة ; لأنهم قالوا بالكراهة إذا وجد أحدهما في المسجد : المصلي أو الميت ، كما قال في المجتبى وتكره سواء كان الميت والقوم في المسجد أو أحدهما ولعل وجهه أنه لما لم يكن دليل على واحد من الاحتمالات بعينه قالوا بالكراهة بوجود أحدهما أيا كان وظاهر كلام المصنف أن الكراهة تحريمية ; لأنه عطفه على ما لا يجوز من الصلاة راكبا ، وهي إحدى الروايتين مع أن فيه إيهاما ; لأن في المعطوف عليه لم تصح الصلاة أصلا ، وفي المعطوف هي صحيحة والأخرى أنها تنزيهية ورجحه في فتح القدير بأن الحديث ليس نهيا غير مصروف ، ولا قرن الفعل بوعيد بظني بل سلب الأجر ، وسلب الأجر لا يستلزم ثبوت استحقاق العقاب لجواز الإباحة ثم قرر تقريرا حاصله أنه لا خلاف بيننا وبين على هذه الرواية ; لأنه يقول بالجواز في المسجد لكن الأفضل خارجه ، وهو معنى كراهة التنزيه وبه يحصل الجمع بين الأحاديث ا هـ . الشافعي
لكن تترجح كراهة التحريم بالرواية الأخرى التي [ ص: 202 ] رواها الطيالسي كما في الفتاوى القاسمية من صلى على ميت في المسجد فلا صلاة له ، ولم يقيد المصنف كصاحب المجمع المسجد بالجماعة كما قيده في الهداية لعدم الحاجة إليه ; لأنهم يحترزون به عن المسجد المبني لصلاة الجنازة فإنها لا تكره فيه مع أن الصحيح أنه ليس بمسجد ; لأنه ما أعد للصلاة حقيقة ; لأن صلاة الجنازة ليست بصلاة حقيقة وحاجة الناس ماسة إلى أنه لم يكن مسجدا توسعة للأمر عليهم واختلفوا أيضا في والصحيح أنه مسجد في حق جواز الاقتداء ، وإن لم تتصل الصفوف ; لأنه أعد للصلاة حقيقة لا في حرمة دخول الجنب والحائض كذا في المحيط وغيره ، واعلم أن ظاهر الحديث وكلامهم أنه لا أجر أصلا لمن صلى عليها في المسجد ، ولا يلزم منه عدم سقوط الفرض لعدم الملازمة بينهما ، ولم يذكر مصلى العيدين أنه هل هو مسجد المصنف رحمه الله ما إذا قالوا الإمام بالخيار إن شاء صلى عليهم دفعة واحدة ، وإن شاء صلى على كل جنازة صلاة على حدة ، فإن أراد الثاني فالأفضل أن يقدم الأفضل فالأفضل ، فإن لم يفعل فلا بأس به ، وأما كيفية وضعها ، فإن كان الجنس متحدا ، فإن شاءوا جعلوها صفا واحدا كما يصطفون في حال حياتهم عند الصلاة ، وإن شاءوا وضعوا واحدا بعد واحد مما يلي القبلة ليقوم الإمام بحذاء الكل هذا جواب ظاهر الرواية ، وفي رواية اجتمعت الجنائز للصلاة الحسن أن الثاني أولى من الأول وإذا وضعوا واحدا بعد واحد ينبغي أن يكون الأفضل مما يلي الإمام ثم إن وضع رأس كل واحد بحذاء رأس صاحبه فحسن ، وإن وضع رأس كل واحد عند منكب الأول فحسن ، وإن اختلف الجنس وضع الرجل بين يدي الإمام ثم الصبي وراءه ثم الخنثى ثم المرأة ثم الصبية
والأفضل أن يجعل الحر مما يلي الإمام ويقدم على العبد ، ولو كان الحر صبيا كما في الظهيرية ، وإن كان عبدا وامرأة حرة فالعبد يوضع مما يلي الإمام والمرأة خلفه ، وفي فتح القدير ، ولو اجتمعوا في قبر واحد فوضعهم على عكس هذا فيقدم الأفضل فالأفضل إلى القبلة وفي الرجلين يقدم أكبرهما سنا وقرآنا وعلما كما فعله عليه السلام في قتلى أحد من المسلمين . ا هـ .
وفي البدائع ، ولو كان رجل وامرأة قدم الرجل مما يلي القبلة والمرأة خلفه اعتبارا بحال الحياة ، ولو دفن الرجل مما يلي القبلة ثم الصبي خلفه ثم الخنثى ثم الأنثى ثم الصبية ; لأنهم هكذا يصطفون خلف الإمام حالة الحياة وهكذا توضع جنائزهم عند الصلاة فكذا في القبر ا هـ . وهو سهو في قوله وهكذا توضع جنائزهم لما ذكرنا أنه على عكسه . اجتمع رجل وامرأة وصبي وخنثى وصبية