قلت : أرأيت لو أن عبدا بيني وبين رجل ، أعتق أحدنا نصيبه منه ، ثم أعتق الآخر نصف نصيبه منه ، أيكون له أن يضمن شريكه الذي أعتق أولا نصف نصيبه الباقي ؟
قال : لا ، قلت : لم ؟
قال : لأنه إذا أعتق شيئا من شقصه عتق عليه جميع ما كان فيه .
قلت : ولم يعتق عليه جميع ما كان له فيه وإنما كان حقه مالا على صاحبه إذا كان المعتق الأول موسرا ؟
قال : لأنه لا يجب على المعتق الأول شيء إلا إذا أقيم عليه والعبد غير تالف .
قال ابن القاسم : ألا ترى أن العبد لو مات قبل أن يقوم على المعتق الأول لم يضمن لشريكه شيئا من قيمته ، وكذلك إذا أعتقه شريكه بعد عتق الأول لم يكن للثاني أن يضمن الأول ; لأنه قد أتلف نصيبه فكذلك إن أعتق بعض نصيبه فقد أتلفه ويعتق عليه ما بقي من نصيبه .
قلت : وهذا قول مالك ؟
قال : هذا الذي سمعت قلت : أرأيت لو مات المعتق الذي أعتق نصف نصيبه قبل أن يعتق عليه ما بقي ، أيقوم على الأول النصف الباقي من نصيبه ؟
قال : نعم يقوم عليه عند مالك .
قال : وقال مالك : لو أن عبدا بين ثلاثة نفر أعتق أحدهم نصيبه ثم أعتق الآخر نصيبه فأراد المتمسك بالرق أن يضمن المعتق الثاني والمعتقان جميعا موسران ؟
قال مالك : ليس له أن يضمنه وإنما له أن يضمن الأول ; لأنه هو الذي ابتدأ الفساد قلت : فإن أعتقه الأول وهو معسر ثم أعتق الثاني وهو موسر فأراد المتمسك بالرق أن يضمن المعتق الثاني ؟
قال مالك : ليس ذلك له ; لأنه لم يبتدئ فسادا أولا وإنما ينظر إلى من ابتدأ الفساد أولا .
قال : وقال مالك لي : ولو أعتق اثنان منهم ما لهما من العبد جميعا وأحدهما موسر والآخر معسر ، ضمن الموسر جميع قيمة نصيب [ ص: 418 ] المتمسك بالرق .
قلت : ولم ؟
قال : لأن مالكا قال : إذا ضمن شيئا من قيمته ضمن جميع ذلك .
قلت : ويجعله كأنه ابتدأ فساد هذا العبد ؟
قال : نعم ، هو وصاحبه ابتدآ فساده إلا أن صاحبه لا يضمن ; لأنه معسر .
أشهب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال : { من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق عليهم العبد ، وإلا فقد عتق عليه منه ما أعتق } ، وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز برأي عروة بن الزبير في امرأة أعتقت مصابتها من عبد وكانت مصابتها ثمنه ولا قيمة عندها ، فجعل له عمر بن عبد العزيز من كل ثمانية أيام يوما وجعله في يوم الجمعة ، وللورثة سبعة أيام وهو قول مالك .


