قلت : أرأيت إن أيجوز هذا في قول اشتريت خلخالين فضة بوزنهما من الدراهم ؟ مالك
قال : نعم قلت : فإن ؟ . أصاب مشتري الخلخالين بهما عيبا كسرا أو شعبا لم يعلم به حين اشتراهما أله أن يردهما
قال : لم أسمع من فيه شيئا إلا أني أرى أن يردهما بالعيب الذي وجد فيهما ويأخذ دراهمه التي دفع في الخلخالين قلت : فلم مالك ؟ . جعلت لصاحب الخلخالين أن يرده ولم تجعل ذلك لصاحب الدنانير الذي اشترى بدنانيره تبرا مكسورا
فقال : لأن الخلخالين بمنزلة سلعة من السلع في هذا الموضع ولا بد للناس أن يتبايعوا ذلك بينهم ، ولا يصلح لهم أن يدلسوا العيب فيما بينهم في الآنية والحلي .
وإنما هو بمنزلة ما لو اشتراه بسلعة أو بذهب فإذا أصاب عيبا رده فهو وإن كان إنما اشتراه بمثل وزنه من الرقة فأصاب به عيبا فلا بد من الرد أيضا ولا يكون الخلخالان في يديه عوضا مما دفع فيهما من وزنهما من الدراهم إذا لم يرض الخلخالين [ ص: 45 ] إذا أصاب بهما عيبا لأن الذي رضي به من دفع دراهمه لموضع صياغة الخلخالين ولكنه جاز في البيع حين أخذهما مثلا بمثل ولم ينظر في صياغة الحلي ولا في عيون الدراهم والدنانير لأنه لو كانت بواحدة منهما زيادة لموضع الصياغة في الحلي أو السكة في الدنانير والدراهم ما جاز أن يشتري تبرا مكسورا بدنانير مضروبة على وجه الاشتراء والمكايسة كيلا بكيل ولا جاز حلي مصوغ بتبر مكسور بوزنه ولا بالدراهم بوزنها ولا بالدنانير بوزنها إن كان الحلي من الذهب ولا يجوز إذا قمح بدقيق لأن معرفة الناس أن القمح يزيد وإنما يعطي معطي القمح بالدقيق لمكان ما كفاه ولمنفعته بالدقيق فلو وجد بالقمح عيبا أو بالدقيق عيبا لرد كل واحد منهما ، فكذلك الحلي إذا وجد به عيبا رده قلت : فما بال الدنانير التي أصبت بها عيبا لا يجوز لعيبها ؟ لم تجعل لمشتريها أن يردها ؟
قال : لأن القمح إذا كان معيبا لم يكن دقيقه كدقيق الصحيح ، ولأن الحلي إذا كان معيبا لم يكن تبره كالدراهم المضروبة .
وإن الدنانير التي وجد بها عيبا لا تجوز وإن لم تكن مغشوشة كان تبره مثل التبر الذي أعطى أو أفضل فليس له أن يرده ، وكذلك لو باع خلخالين من ذهب أو فضة بتبر من ذهب أو فضة فوجد في الخلخالين عيبا فردهما منه وكان ذهبهما أو فضتهما مستويتين أو كان الخلخالان أجود ذهبا أو ورقا من الفضة أو الذهب التي دفع فيهما لم يكن له أن يرده ولم يكن له حجة إن قال : أنا أريد تبري يقال له : ما في يديك مثل تبرك أو أفضل فلا حجة لك فيما تريد وإنما يرد من ذلك العيب في الحلي وإن كانت الدنانير التي باعها به مثله أو أجود لأن الناس يعلمون أنه إنما أعطاه دنانيره أو دراهمه لمكان صياغة هذا ، ولكنه أمر جوزه الناس وأجازه أهل العلم ولم يروه زيادة في الصياغة ولا في صرف الدنانير ، فإذا وقعت العيوب لم يكن بد من الرد وعلى هذا محمل جميع ما يشبه هذه الوجوه