[ ص: 54 ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب السلم الأول تسليف السلع بعضها في بعض قلت صف لي لعبد الرحمن بن القاسم من الدواب أن يسلف بعضها في بعض أو البقر أو الغنم أو الثياب أو ما أشبه هذه الأشياء مالك قال : الإبل تسلف في البقر والبقر تسلف في الإبل والغنم تسلف في الإبل والبقر والبقر والإبل تسلف في الغنم ، والحمير تسلف في الغنم والإبل والبقر والخيل ، قال : ورأيت ما يجوز في قول يكره أن تسلف الحمير في البغال إلا أن تكون من الحمير الأعرابية التي يجوز أن يسلف فيها الحمار الفاره النجيب ، فكذلك إذا أسلفت الحمير في البغال والبغال في الحمير فاختلف كاختلاف الحمار النجيب الفاره بالحمارين الأعرابيين فذلك جائز أن يسلف بعضها في بعض والخيل لا يسلم بعضها في بعض إلا أن يكون كبارها بصغارها فلا بأس بذلك ، أو يكون الفرس الجواد السابق الفاره الذي قد علم من جودته فلا بأس أن يسلم في غيره مما ليس مثله في جودته وإن كان في سنه فلا بأس بذلك ، والإبل كذلك كبارها في صغارها ولا يسلم كبارها في كبارها إلا أن تختلف النجابة أو يكون البعير الذي قد عرف من كرمه وقوته على الحمولة فلا بأس بأن يسلف في الإبل في سنه إذا كانت من حواشي الإبل التي لا تحمل حمولة هذا وإن كانت في سنه ، والبقر لا بأس بأن تسلف كبارها في صغارها . مالكا
قال ابن القاسم : ولا أرى بأسا أن تسلف البقرة القوية على العمل الفارهة في الحرث وما أشبهها في حواشي البقر وإن كانت من أسنانها .
قال : والغنم لا يسلم صغارها في كبارها ولا كبارها في صغارها ولا معزاها [ ص: 55 ] في ضأنها ولا ضأنها في معزاها إلا أن تكون غنما غزيرة كثيرة اللبن موصوفة بالكرم فلا بأس أن تسلم في حواشي الغنم قلت ولم كره مالك صغار الغنم بكبارها إذا أسلفت فيها ؟ مالك
قال : لأنها ليس فيها منافع إلا اللحم واللبن لا للحمولة قال : وليس بين الصغير من الغنم والكبير تفاوت إلا اللحم فلا أرى ذلك شيئا لأن هذا عنده ليس بكبير منفعة .
قلت : وإنما ينظر في الحيوان إذا أسلف بعضها في بعض إذا اختلفت المنافع فيها جوز أن يسلف بعضها في بعض وإن اختلفت أسنانها أو اتفقت قال : نعم . مالك
قال ، عن ابن وهب أن مالك حدثه عن صالح بن كيسان حسن بن محمد بن علي : أن باع جملا له يدعى عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل . قال علي بن أبي طالب : إن مالك حدثه أن نافعا اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه إلى أجل يوفيها صاحبها ابن عمر بالربذة قال ، عن ابن وهب عثمان بن الحكم أن يحيى بن سعيد أخبره عن أنه قال : لا بأس بالحيوان ، الناقة الكريمة بالقلائص إلى أجل أو العبد بالوصفاء إلى أجل أو الثوب بالثياب إلى أجل . قال سعيد بن المسيب ، عن ابن وهب ابن لهيعة ، عن والليث بن سعد عن أبي الزبير { جابر بن عبد الله } . قلت : ولا يلتفت في ذلك إلى الأسنان ؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين أسودين
قال : نعم . قلت : أرأيت إن أسلفت جذوع خشب في جذوع مثلها أيصلح ذلك في قول ؟ مالك
قال : لا يصلح أن إلا أن تختلف الصفة اختلافا بينا فلا بأس بذلك وذلك أن تسلف جذعا من نخل غلظه كذا وكذا وطوله كذا وكذا في جذوع نخل صغار فإذا اختلفت هكذا فلا بأس به لأن هذين نوعان مختلفان وإن كان أصلهما واحدا من الخشب ألا ترى أن العبد التاجر البربري بالأشبانيين لا تجارة لهما لا بأس به والصقلبي التاجر بالنوبيين غير التاجرين لا بأس به وكلهم ولد يسلف جذعا في جذعين من صنفه وعلى مثاله آدم .
قال : وكذلك البربري التاجر الفصيح الكاتب بالنوبيين الأعجميين لا بأس بذلك ، وكذلك الخيل لا بأس أن يسلف بعضها في بعض إذا اختلفت أصنافها ونجارها وإن كان أصلها واحدا خيلا كلها ، فكذلك الجذوع والثياب وقد وصفت لك الثياب وجميع السلع كلها . [ ص: 56 ] قال ابن القاسم : وإن سلف جذعا في جذع مثله في صفته وغلظه وطوله وأصل ما الجذعان منه واحد وهما من النخل أو من غير ذلك من الشجر إذا كان أصلهما واحدا وصفتهما واحدة فسلف الجذع منه في جذع مثله نظر في ذلك فإن كان إنما أراد به المنفعة في الذي أسلف ذلك لنفسه بطل ذلك ورد ذلك السلف ، وإن كانت المنفعة إنما هي للمستلف على وجه السلف أمضى ذلك إلى أجله قال : ولا يصلح أن يسلف الجذع في الجذعين مثله من نوعه إلى أجل ولا يصلح أن يسلم الجذع في نصف جذع لأنه كأنه أعطاه جذعا على أن يضمن له نصف جذع ، قال : وكذلك هذا في جميع الأشياء لأنه إنما يزيد النصف لموضع الضمان وكذلك قال في الرجل يسلف الثوب أو الرأس في ثوب دونه أو رأس دونه إلى أجل : إن ذلك لا خير فيه . مالك
قال : وكان ابن وهب يقول : سألت عن ثوب شطوي بثوبين شطويين من ضربه فقال : أبى ذلك الناس حتى تختلف الأشياء وحتى يكون الثوب الذي يأخذ الرجل مخالفا للذي يعطي ، وكذلك الإبل والغنم والرقيق ، وإن الناقة الكريمة تباع بالقلائص إلى أجل ، وإن العبد الفاره يباع بالوصفاء إلى أجل وإن الشاة الكريمة ذات اللبن تباع بالأعنق من الشاة فالذي ليس في أنفس الناس منه شيء في شأن الحيوان والبزوز والدواب أنه من أعطى شيئا من ذلك بشيء إلى أجل فإذا اختلفت الصفة فليس بها بأس . يحيى بن سعيد
قال : من ابتاع غلاما حاسبا كاتبا بوصفاء يسميهم فليقلل أو يكثر من البربر أو من السودان إلى أجل فليس بذلك بأس قال : ومن يحيى أخر الخيل وانتقد العشرة دنانير قال : فليس بذلك بأس . باع غلاما معجلا بعشرة أفراس إلى أجل وعشرة دنانير نقدا
قال : سألت عن رجل سلف في غلام أمرد جسيم صبيح فلما حل الأجل لم يجد عنده أمرد فأعطاه وصيفين بالغلام الأمرد قال : فليس بذلك بأس ولو أنه حين لم يجد عنده الغلام الأمرد أعطاه مكانه إبلا أو غنما أو بقرا أو رقيقا أو عرضا من العروض وبرئ كل واحد منهما من صاحبه في مقام واحد لم يكن بذلك بأس وهذا الحيوان بعضه ببعض . يحيى