قلت : أرأيت رجلا له ألف درهم وعليه ألفا درهم دينا وله دار وخادم ثمنهما ألفا درهم أيكون من الغارمين وتحل له الصدقة  ؟ فقال : لا ويكون دينه في عروضه وخادمه وداره . 
قلت : فإن أدى الألف الذي عنده في  [ ص: 343 ] دينه وبقيت عليه الألف ، وبقيت داره وخادمه أيكون من الغارمين والفقراء  ؟ فقال : نعم إذا لم يكن في الخادم والدار فضل عن دار تغنيه وخادم يغنيه كان من الغارمين والفقراء . 
قلت : وهذا قول  مالك  ؟ 
قال : نعم ، قال : وقال  مالك    : أرى أن يؤثر بالزكاة أهل الحاجة حيث كانوا . 
قلت : فهل كان  مالك  يقول ويرضخ لمن سوى أهل الحاجة من الذين لا يستحقون الزكاة ؟ فقال : ما علمت أنه قال يرضخ لهؤلاء . 
قلت : هل يرفع من الزكاة إلى بيت المال شيء  في قول  مالك  ؟ 
قال : لا ولكن تفرق كلها ولا يرفع منها شيء ، وإن لم يجد من يفرق عليه في موضعها الذي أخذها فيه فأقرب البلدان إليه . 
قال ابن القاسم  ، ولقد حدثني  مالك  عن يحيى بن سعيد  أنه قال : كنت مع ابن زرارة  باليمامة  حين بعثه  عمر بن عبد العزيز  مصدقا قال : وكتب إليه في أول سنة أن اقسم نصفها ، ثم كتب إليه في السنة الثانية أن اقسمها كلها ولا تحبس منها شيئا ، قال : فقلت  لمالك    : فالشأن أن تقسم في مواضعها إلا أن تكون كثيرة فيصرفها إلى أقرب المواضع إليه ؟ فقال : نعم . 
قال : ولقد بلغني أن  طاوسا  بعث مصدقا وأعطى رزقه من بيت المال ، قال فوضعه في كوة في منزله ، قال : فلما رجع سألوه أين ما أخذت من الصدقة ؟ قال : قسمته كله ، قالوا : فأين الذي أعطيناك ؟ قال : ها هو ذا في بيتي موضوع في كوة فذهبوا فأخذوه . 
قال ابن القاسم  ، وبلغني أن  عمر بن الخطاب  بعث  معاذا  مصدقا فلم يأت بشيء . 
قال  مالك    : ووجه قسم المال أن ينظر الوالي إلى البلد التي فيها هذا المال ومنها جبي ، فإن كانت البلدان متكافئة في الحال آثر به أهل ذلك البلد فيقسم عليهم ولم يخرج إلى غيرهم ، إلا أن يفضل عنهم فضلة فتخرج إلى غيرهم ، فإن قسم في بلاده آثر الفقراء على الأغنياء ، قال : وإن بلغه عن بعض البلدان حاجة وفاقة نزلت بهم من سنة مستهم أو ذهاب أموالهم وزرعهم وقحط السماء عليهم ، فإن للإمام أن ينظر إلى أهل ذلك البلد الذين جبي فيهم ذلك المال فيعطيهم منه ويخرج جل ذلك المال إلى أهل ذلك البلد الذين أصابتهم الحاجة ، وكذلك بلاد الإسلام ، كلهم حقهم في هذا الفيء واحد ، يحمل هذا الفيء إليهم من غير بلادهم إذا نزلت بهم الحاجة . 
قال  مالك    : والصدقات كذلك كلها في قسمتها مثل ما وصفت لك . 
قال أشهب  عن مسلم بن خالد الزنجي    : إن  عطاء بن السائب  حدثه عن  سعيد بن جبير  عن  علي بن أبي طالب  أنه كان يقول في هذه الآية : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها    } الآية كلها ، إنما هو علم أعلمه الله ، فإذا أعطيت صنفا من هذه التسمية التي سماها الله أجزأك وإن كان صنفا واحدا . قال أشهب  قال الزنجي  وحدثني سعيد بن أبي صالح  عن  ابن عباس  ، أنه كان يقول مثل ذلك . 
قال  ابن وهب  عن  يونس بن يزيد  ،  [ ص: 344 ] إنه سأل  ابن شهاب  عن قول الله : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين    } . قال : لا نعلمه نسخ من ذلك شيء إنما الصدقات بين من سمى الله ، فأسعدهم بها أكثرهم عددا أو أشدهم حاجة . 
قال  ابن وهب  عن  يونس بن يزيد    : إنه سأل  ابن شهاب  عن الصدقة أيستعمل عليها غني أو يخص بها فقير ؟  فقال : لا بأس أن يستعمل عليها من استعمل من أولئك ، ونفقة من استعمل عليها من أولئك في عمله من الصدقة . 
قال  ابن مهدي  عن  حفص بن غياث  عن  الحجاج بن أرطاة  عن  المنهال بن عمرو  ، عن  زر بن حبيش  عن  حذيفة  قال : إذا وضعتها في صنف واحد أجزأك . 
 ابن مهدي  عن سليمان  عن  عطاء بن السائب  عن  سعيد بن جبير  قال : إذا وضعت الصدقة في صنف واحد أجزأك . قال  ابن مهدي  عن سفيان  عن  عبد الملك بن أبي سليمان  عن  عطاء  مثله قال  ابن مهدي  عن  شعبة  عن الحكم  ، قال قلت  لإبراهيم    : أضع زكاة مالي في صنف من هذه الأصناف ؟ قال : نعم . قال  ابن مهدي  عن  إسرائيل بن يونس  عن  جابر  عن الشعبي  ، قال : لم يبق من المؤلفة قلوبهم أحد إنما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما استخلف أبو بكر  انقطع الرشا . 
قال : وبلغني عن  عمر بن عبد العزيز  فيمن له الدار والخادم والفرس أن يعطى من الزكاة . 
				
						
						
