قلت : أرأيت إن قال : لم أسمع من اجتمعت جماعة رجال على جراحات رجل خطأ ، فعاش بعد ذلك أياما فتكلم وأكل وشرب ثم مات ، فقالت الورثة : نحن نقسم على واحد منهم ونأخذ الدية من عاقلته ؟ في هذا شيئا ولا أرى ذلك لهم ; لأنه لا يدرى أمن ضربة هذا مات أم من ضرب أصحابه ، فلا يكون لهم أن يقسموا على هذا وحده ; لأنه إن كان مات من ضربهم جميعهم فإنما الدية على جميعهم مفترقة في القبائل ، وإنما لهم أن يقسموا على جميعهم . وإنما قال لي مالك في الخطأ حين قلت له : كيف يقسمون في الخطأ . فقال : إنما يقسمون على جميعهم . مالك
قلت : أرأيت العمد ، أليس قد قال فيه : إنما يقسمون على واحد . وإن كان الذين ضربوه جماعة ؟ فما فرق ما بين العمد في هذا والخطأ ؟ مالك
قلت : في الخطأ لا يقسمون إلا على جميعهم . وقلت في العمد : لا يقسمون إلا على واحد . قال : لأنهم في العمد ، لو أقسموا على جميعهم لم يجب الدم على جميعهم . فهذا الذي قصدوا إليه ليقسموا عليه ، لا حجة له إن قال لا تقسموا علي دون أصحابي ; لأنه يقال له : لا منفعة لك هاهنا إن أقسموا على جماعتهم وجب لهم [ ص: 662 ] دمك . فأنت لا منفعة لك هاهنا ، فيكون لهم أن يقسموا عليه دون أصحابه . وفي الخطأ إن قصدوا قصد واحد ليقسموا عليه كانت له الحجة أن يمنعهم من ذلك ; لأنه يقول هذا الضرب منا جميعا . فالدية تجب له إذا مات من ضربنا في قبائلنا كلنا ، فليس لكم أن تقصدوا بالدية قصدي وقصد عاقلتي ، فهذا فرق ما بينهما .