2336  [ ص: 16 ]  41  - حدثنا  يحيى بن بكير ،  قال : حدثنا  الليث ،  عن  عقيل ،  عن  ابن شهاب ،  قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ،  عن  عبد الله بن عباس  رضي الله عنهما قال : لم أزل حريصا على أن أسأل  عمر  رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما  ،فحججت معه فعدل وعدلت معه بالإداوة ، فتبرز حتى جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال لهما : إن تتوبا إلى الله  فقال : واعجبا لك يا ابن عباس ;   عائشة   وحفصة ،  ثم استقبل  عمر  الحديث يسوقه ، فقال : إني كنت وجار لي من الأنصار  في بني أمية بن زيد ،  وهي من عوالي المدينة ،  وكنا نتناوب النزول على النبي صلى الله عليه وسلم ، فينزل هو يوما ، وأنزل يوما ، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره ، وإذا نزل فعل مثله ، وكنا معشر قريش  نغلب النساء ، فلما قدمنا على الأنصار  إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار ،  فصحت على امرأتي فراجعتني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت : ولم تنكر أن أراجعك ؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل ، فأفزعني فقلت : خابت من فعل منهن بعظيم ، ثم جمعت علي ثيابي فدخلت على  حفصة  فقلت : أي  حفصة ،  أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل ؟ فقالت : نعم ، فقلت : خابت وخسرت ، أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكين ، لا تستكثري على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تراجعيه في شيء ، ولا تهجريه ، واسأليني ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك ، وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يريد  عائشة  ، وكنا تحدثنا أن غسان  تنعل النعال لغزونا ، فنزل صاحبي يوم نوبته فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا ، وقال : أنائم هو ؟ ففزعت فخرجت إليه ، وقال : حدث أمر عظيم . قلت : ما هو ؟ أجاءت غسان ؟  قال : لا ، بل أعظم منه وأطول ; طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه . قال : قد خابت  حفصة  وخسرت ، كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون ، فجمعت علي ثيابي فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل مشربة له فاعتزل فيها ، فدخلت على  حفصة  فإذا هي تبكي . قلت : ما يبكيك ؟ أولم أكن حذرتك ؟ أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لا أدري هو ذا في المشربة ، فخرجت فجئت المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم ، فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد ، فجئت المشربة التي هو فيها ، فقلت لغلام له أسود : استأذن  لعمر ،  فدخل فكلم النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج ، فقال : ذكرتك له فصمت فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد ، فجئت فذكر مثله فجلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد فجئت الغلام فقلت : استأذن  لعمر  فذكر مثله ، فلما  [ ص: 17 ] وليت منصرفا ، فإذا الغلام يدعوني ، قال : أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش ، قد أثر الرمال بجنبه متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف ، فسلمت عليه ثم قلت وأنا قائم : طلقت نساءك ؟ فرفع بصره إلي ، فقال : لا ، ثم قلت وأنا قائم : أستأنس يا رسول الله ، لو رأيتني وكنا معشر قريش  نغلب النساء ، فلما قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم فذكره ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قلت : لو رأيتني ، ودخلت على  حفصة  فقلت : لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك ، وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم - يريد  عائشة   - فتبسم أخرى ، فجلست حين رأيته تبسم ، ثم رفعت بصري في بيته ، فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة ، فقلت : ادع الله فليوسع على أمتك ; فإن فارس  والروم  وسع عليهم ، وأعطوا الدنيا ، وهم لا يعبدون الله ، وكان متكئا ، فقال : أوفي شك أنت يا  ابن الخطاب ؟  أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ، فقلت : يا رسول الله ، استغفر لي ، فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ذلك الحديث حين أفشته  حفصة  إلى  عائشة  ،  وكان قد قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله ، فلما مضت تسع وعشرون دخل على  عائشة  ، فبدأ بها ، فقالت له  عائشة   : إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا ، وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعدها عدا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الشهر تسع وعشرون ، وكان ذلك الشهر تسع وعشرون ، قالت  عائشة   : فأنزلت آية التخيير ، فبدأ بي أول امرأة ، فقال : إني ذاكر لك أمرا ، ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك ، قالت : قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك ، ثم قال : إن الله قال : يا أيها النبي قل لأزواجك  إلى قوله : عظيما  قلت : أفي هذا أستأمر أبوي ; فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت  عائشة .  
     	
		
				
						
						
