الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
233 98 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل، قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب، عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، عن nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة: nindex.php?page=hadith&LINKID=650228أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: nindex.php?page=treesubj&link=531_613_614ألقوها وما حولها، فاطرحوه، وكلوا سمنكم.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة. (بيان رجاله): وهم ستة: إسماعيل هو ابن أبي أويس تقدم في باب تفاضل أهل الإيمان، وعبيد الله هو سبط عتبة بن مسعود، وهو في قصة هرقل، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك هو ابن أنس، nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، nindex.php?page=showalam&ids=156وميمونة أم المؤمنين بنت الحارث خالة nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهم تقدمت في باب السمر بالعلم.
(بيان لطائف إسناده) منها أن فيه التحديث بصيغة الجمع، وبصيغة الإفراد، وفيه العنعنة في أربعة مواضع، وفيه أن رواته مدنيون، وفيه القول في موضع واحد، وفيه رواية الصحابي عن الصحابية.
(بيان ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الذبائح عن nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن عبد الله، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي، عن سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به، وهو من أفراده، عن nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في الأطعمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، عن سفيان به، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح، والحسن بن علي، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن عبد الرحمن بن بزدويه، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه عن سعيد بن عبد الرحمن، وأبي عثمان [ ص: 162 ] وهو الحسين بن حريث، كلاهما عن سفيان به، وقال: حسن صحيح، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في الذبائح عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة، عن سفيان به، وعن nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك به، وعن خشيش بن أصرم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن عبد الرحمن بن بزدويه أن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمرا ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به.
(ذكر لغاته ومعناه) قوله: " فأرة " بهمزة ساكنة، وجمعها فأر بالهمز أيضا. قوله: " سقطت في سمن "، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الذبائح من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : "فماتت"، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : "في سمن جامد". قوله: " وألقوها " أي: الفأرة، أي: ارموها، "وما حولها" أي: وما حول الفأرة من السمن، ويعلم من هذه الرواية أن السمن كان جامدا كما صرح به في الرواية الأخرى؛ لأن المائع لا حول له إذ الكل حوله.
(بيان ذكر استنباط الحكم) يستنبط منه: أن nindex.php?page=treesubj&link=614_24777السمن الجامد إذا وقعت فيه فأرة أو نحوها تطرح الفأرة، ويؤخذ ما حولها من السمن، ويرمى به، ولكن إذا تحقق أن شيئا منها لم يصل إلى شيء خارج عما حولها، والباقي يؤكل، ويقاس على هذا نحو العسل والدبس إذا كان جامدا، وأما المائع: فقد اختلفوا فيه؛ فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله قليلا كان أو كثيرا، وقد شذ قوم فجعلوا المائع كله كالماء ولا يعتبر ذلك، وسلك داود بن علي في ذلك مسلكهم إلا في السمن الجامد، والذائب، فإنه تبع ظاهر هذا الحديث، وخالف معناه في العسل، والخل، وسائر المائعات، فجعلها كلها في لحوق النجاسة إياها بما ظهر فيها، فشذ أيضا، ويلزمه أن لا يتعدى الفأرة كما لا يتعدى السمن، قال أبو عمرو : اختلف العلماء في الاستصباح به بعد إجماعهم على نجاسته، فقالت طائفة من العلماء: لا يستصبح به، ولا ينتفع بشيء منه، وممن قال ذلك: nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل محتجين بالرواية المذكورة، وإن كان مائعا فلا تقربوه، وبعموم النهي عن الميتة في الكتاب العزيز، وقال الآخرون: يجوز الاستصباح به، والانتفاع في كل شيء إلا الأكل والبيع، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وأصحابهما، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، أما الأكل فمجمع على تحريمه إلا الشذوذ الذي ذكرناه، وأما الاستصباح، فروي عن علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أنهما أجازا ذلك، ومن حجتهم في تحريم بيعه قوله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=683391لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم، فباعوها، وأكلوا ثمنها، إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه "، وقال آخرون: ينتفع به، ويجوز بيعه، ولا يؤكل، وممن قال ذلك: nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، وأصحابه، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري، والقاسم، وسالم محتجين بالرواية الأخرى: " nindex.php?page=hadith&LINKID=931600وإن كان مائعا، فاستصبحوا به، وانتفعوا "، والبيع من باب الانتفاع، وأما قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : " nindex.php?page=hadith&LINKID=688129وإن كان مائعا فلا تقربوه " فيحتمل أن يراد به الأكل، وقد أجرى صلى الله عليه وسلم التحريم في شحوم الميتة من كل وجه، ومنع الانتفاع بها، وقد أباح في السمن يقع فيه الميتة الانتفاع به؛ فدل على جواز وجوه الانتفاع بشيء منها غير الأكل، ومن جهة النظر أن nindex.php?page=treesubj&link=28187_24777شحوم الميتة محرمة العين، والذات، وأما الزيت، ونحوه يقع فيه الميتة، فإنما ينجس بالمجاورة، وما ينجس بالمجاورة فبيعه جائز كالثوب تصيبه النجاسة من الدم، وغيره، وأما قوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=11206إن الله تعالى إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه " فإنما خرج على لحوم الميتة التي حرم أكلها، ولم يبح الانتفاع بشيء منها، وكذلك الخمر، وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16469عبد الله بن نافع غسل الزيت وشبهه تقع فيه الميتة، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أيضا، وصفته أن يعمد إلى ثلاث أوان أو أكثر فيجعل الزيت النجس في واحدة منها حتى يكون نصفها أو نحوه، ثم يصب عليه الماء حتى يمتلئ، ثم يؤخذ الزيت من علاء الماء، ثم يجعل في آخر، ويعمل به كذلك، ثم في آخر، وهو قول ليس لقائله سلف، ولا تسكن إليه النفس، قلت: هذا مما لا ينعصر بالعصر، وفيه خلاف بين nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف، ومحمد، فقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : يطهر ما لا ينعصر بالعصر بغسله ثلاثا، وتجفيفه في كل مرة، وذلك كالحنطة، والخزفة الجديدة، والحصير، والسكين المموه بالماء النجس، واللحم المغلي بالماء النجس، فالطريق فيه أن تغسل الحنطة ثلاثا، وتجفف في كل مرة، وكذلك الحصير، ويغسل الخزف حتى لا يبقى له بعد ذلك طعم، ولا لون، ولا رائحة، ويموه السكين بالماء الطاهر ثلاث مرات، ويطبخ اللحم ثلاث مرات، ويجفف في كل مرة، ويبرد من الطبخ، وأما العسل، واللبن، ونحوهما إذا مات فيها الفأرة، أو نحوها يجعل في الإناء، ويصب فيه الماء، ويطبخ حتى يعود إلى ما كان، وهكذا يفعل ثلاثا، وقال محمد : ما لا ينعصر بالعصر إذا تنجس لا يطهر أبدا، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قوله: "تفرد به"، روى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عنه قال: ذكروا أنه يدهن به [ ص: 163 ] السفن، ولا يمس ذلك، ولكن يؤخذ بعود، فقلت: يدهن به غير السفن، قال: لا أعلم، قلت: وأين يدهن به من السفن، قال: ظهورها، ولا يدهن بطونها، قلت: فلا بد أن يمس، قال: يغسل يديه من مسه، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المنع من الدهن به، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أن موتها في الزيت الكثير غير ضار، وليس الزيت كالماء، وعن عبد الملك : إذا nindex.php?page=treesubj&link=614_24777وقعت فأرة أو دجاجة في زيت، أو بئر، فإن لم يتغير طعمه، ولا ريحه أزيل ذلك منه، ولم يتنجس، وإن ماتت فيه تنجس وإن كثر، ووقع في كلام nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : أن الفأرة عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك طاهرة خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، ولا نعلم عندنا خلافا في طهارتها في حال حياتها.