الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3121 99 - حدثني إبراهيم بن حمزة ، قال : حدثني ابن أبي حازم عن يزيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عيسى بن طلحة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا استيقظ أراه أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا ، فإن الشيطان يبيت على خيشومه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  إبراهيم بن حمزة بالحاء المهملة والزاي ، أبو إسحاق الزبيري الأسدي المديني ، وابن أبي حازم عبد العزيز بن أبي حازم ، واسمه ثعلبة بن دينار ، ويزيد بالياء آخر الحروف في أوله هو يزيد بن الهاد ، والهاد أحد أجداده ; لأن يزيد هذا هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، ويقال يزيد بن عبد الله بن شداد بن أسامة بن عمرو ، وهو الهاد بن عبد الله ومحمد بن إبراهيم بن الحارث أبو عبد الله التيمي القرشي المديني ، مات سنة عشرين ومائة ، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي ، مات في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الطهارة عن بشر بن الحكم . وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن زنبور المكي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أراه " أي أظنه . قوله : " فليستنثر " أمر من الاستنثار ، وهو نثر ما في الأنف بنفس ، قاله الجوهري ، وقيل : أن يستنشق الماء ، ثم يستخرج ما فيه من أذى أو مخاط وكذلك الانتنثار ، وقيل : فليستنثر أكثر فائدة من قوله فليستنشق ; لأن الاستنثار يقع على الاستنشاق بغير عكس ، فقد يستنشق ولا يستنثر ، والاستنثار من تمام فائدة الاستنشاق ; لأن حقيقة الاستنشاق جذب الماء بريح الأنف إلى أقصاه ، والاستنثار إخراج ذلك الماء .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : ومما يدل على أن الاستنثار غير الاستنشاق ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل الماء في أنفه ، ثم ليستنثر ، رواه أبو هريرة ، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستنشق ثلاثا في كل مرة يستنثر ، وقد مر في كتاب الطهارة في باب الاستنثار في الوضوء حديث أبي هريرة من رواية أبي إدريس عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من توضأ فليستنثر ، ومن استجمر فليوتر ، وفي باب الاستجمار أيضا من رواية الأعرج عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ، ثم لينتثر ، الحديث . ومرت زيادة الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " على خيشومه " بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وضم المعجمة ، قال الكرماني : هو أقصى الأنف وفي التوضيح هو الأنف ، وقال الداودي : هو المنخران والياء فيه زائدة ، يقال : رجل أخشم إذا لم يجد رائحة الطيب ، وقيل : الأخشم منتن الخيشوم ، وقيل : الأخشم الذي لا يجد ريح الشيء أصلا ، وهو الخشام والخشم ما يسيل من الخيشوم ، ثم ظاهر الحديث يقتضي أن هذا يقع لكل نائم ، ولكن يمكن أن يقال هذا يقع لمن لم يحترس من الشيطان بشيء من الذكر ، فإنه روي من حديث أبي هريرة أن في ذكر الله حرزا من الشيطان .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية