قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=7وحفظا من كل شيطان مارد nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=8لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=9دحورا ولهم عذاب واصب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب nindex.php?page=treesubj&link=29008قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب قال
قتادة :
nindex.php?page=treesubj&link=31762خلقت النجوم ثلاثا ، رجوما للشياطين ، ونورا يهتدى بها ، وزينة لسماء الدنيا . وقرأ
مسروق nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش والنخعي وعاصم وحمزة : " بزينة " مخفوض منون " الكواكب " خفض على البدل من زينة لأنها هي . وقرأ
أبو بكر كذلك إلا أنه نصب الكواكب بالمصدر الذي هو زينة . والمعنى بأن زينا الكواكب فيها . ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعني ، كأنه قال : إنا زيناها بزينة أعني الكواكب . وقيل : هي بدل من زينة على الموضع . ويجوز " بزينة الكواكب " بمعنى أن زينتها الكواكب . أو بمعنى هي الكواكب . الباقون " بزينة الكواكب " على الإضافة . والمعنى زينا السماء الدنيا بتزيين الكواكب ، أي : بحسن الكواكب . ويجوز أن يكون كقراءة من نون إلا أنه حذف التنوين استخفافا . وحفظا مصدر أي : حفظناها حفظا .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=7من كل شيطان مارد لما أخبر أن الملائكة تنزل بالوحي من السماء ، بين أنه حرس السماء عن استراق السمع بعد أن زينها بالكواكب . والمارد : العاتي من الجن والإنس ، والعرب تسميه شيطانا .
nindex.php?page=treesubj&link=29008قوله تعالى : لا يسمعون إلى الملأ الأعلى قال
أبو حاتم : أي : لئلا يسمعوا ثم حذف " أن " فرفع الفعل . الملأ الأعلى : أهل السماء الدنيا فما فوقها ، وسمي الكل منهم أعلى بالإضافة إلى ملإ الأرض . الضمير في يسمعون للشياطين . وقرأ جمهور الناس " يسمعون " بسكون السين وتخفيف الميم . وقرأ
حمزة وعاصم في رواية
حفص لا يسمعون بتشديد السين والميم من التسميع . فينتفي على القراءة الأولى سماعهم وإن كانوا
[ ص: 61 ] يستمعون ، وهو المعنى الصحيح ، ويعضده قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون وينتفي على القراءة الأخيرة أن يقع منهم استماع أو سماع . قال
مجاهد : كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون . وروي عن
ابن عباس nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=8لا يسمعون إلى الملأ قال : هم لا يسمعون ولا يتسمعون . وأصل يسمعون يتسمعون ، فأدغمت التاء في السين لقربها منها . واختارها
أبو عبيد ; لأن العرب لا تكاد تقول : سمعت إليه ، وتقول : تسمعت إليه . ويقذفون من كل جانب أي يرمون من كل جانب ، أي : بالشهب . دحورا مصدر لأن معنى يقذفون : يدحرون . دحرته دحرا ودحورا أي : طردته . وقرأ
السلمي ويعقوب الحضرمي " دحورا " بفتح الدال يكون مصدرا على فعول . وأما
الفراء فإنه قدره على أنه اسم الفاعل . أي : ويقذفون بما يدحرهم أي : بدحور ، ثم حذف الباء ، والكوفيون يستعملون هذا كثيرا كما أنشدوا :
تمرون الديار ولم تعوجوا
واختلف هل كان هذا القذف قبل المبعث ، أو بعده لأجل المبعث ، على قولين . وجاءت الأحاديث بذلك على ما يأتي من ذكرها في سورة [ الجن ] عن
ابن عباس . وقد يمكن الجمع بينهما أن يقال : إن الذين قالوا : لم تكن الشياطين ترمى بالنجوم قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رميت ، أي : لم تكن ترمى رميا يقطعها عن السمع ، ولكنها كانت ترمى وقتا ولا ترمى وقتا ، وترمى من جانب ولا ترمى من جانب . ولعل الإشارة بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=8ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلى هذا المعنى ، وهو أنهم كانوا لا يقذفون إلا من بعض الجوانب فصاروا يرمون واصبا ، وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس ، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره ، ويسلم واحد ولا يسلم غيره ، بل يقبض عليه ويعاقب وينكل . فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد في حفظ السماء ، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل ، ليدحروا عن جميع جوانب السماء ، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها ، فصاروا لا يقدرون على سماع شيء مما يجري فيها ، إلا أن يختطف أحد منهم بخفة حركته خطفة ، فيتبعه شهاب ثاقب قبل أن ينزل إلى الأرض فيلقيها إلى إخوانه فيحرقه ، فبطلت من ذلك الكهانة وحصلت الرسالة والنبوة . فإن قيل : إن هذا القذف إن كان لأجل النبوة فلم دام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فالجواب : أنه دام بدوام النبوة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر ببطلان الكهانة فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500491ليس منا من تكهن فلو لم
[ ص: 62 ] تحرس بعد موته لعادت الجن إلى تسمعها ، وعادت الكهانة . ولا يجوز ذلك بعد أن بطل ، ولأن قطع الحراسة عن السماء إذا وقع لأجل النبوة فعادت الكهانة دخلت الشبهة على ضعفاء المسلمين ، ولم يؤمن أن يظنوا أن الكهانة إنما عادت لتناهي النبوة ، فصح أن الحكمة تقضي دوام الحراسة في حياة النبي - عليه السلام - ، وبعد أن توفاه الله إلى كرامته صلى الله عليه وعلى آله .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=9ولهم عذاب واصب أي دائم ، عن
مجاهد وقتادة . وقال
ابن عباس : شديد .
الكلبي nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح : موجع ، أي : الذي يصل وجعه إلى القلب ، مأخوذ من الوصب وهو المرض " إلا من خطف الخطفة " استثناء من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=8ويقذفون من كل جانب وقيل : الاستثناء يرجع إلى غير الوحي ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون فيسترق الواحد منهم شيئا مما يتفاوض فيه الملائكة ، مما سيكون في العالم قبل أن يعلمه أهل الأرض ، وهذا لخفة أجسام الشياطين فيرجمون بالشهب حينئذ . وروي في هذا الباب أحاديث صحاح ، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء ، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد ، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه ثم الذي يليه ، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض ، فيتحدث به أهل السماء فيسمعه منهم الشيطان الأدنى ، فيلقيه إلى الذي تحته ، فربما أحرقه شهاب ، وقد ألقى الكلام ، وربما لم يحرقه على ما بيناه . فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان ، فيكذبون معها مائة كذبة ، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع كما بيناه في [ الأنعام ] . فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة ، فلا يفلت شيطان سمع بتة . والكواكب الراجمة هي التي يراها الناس تنقض . قال
النقاش ومكي : وليست بالكواكب الجارية في السماء ; لأن تلك لا ترى حركتها ، وهذه الراجمة ترى حركتها ; لأنها قريبة منا . وقد مضى في هذا الباب في سورة [ الحجر ] من البيان ما فيه كفاية . وذكرنا في [ سبأ ] حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وفيه ( والشياطين بعضهم فوق بعض ) وقال فيه
الترمذي : حديث حسن صحيح . وفيه عن
ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830981ويختطف الشياطين السمع فيرمون ، فيقذفونه إلى أوليائهم ، فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يحرفونه ويزيدون . قال : هذا حديث حسن صحيح . والخطف : أخذ الشيء بسرعة ، يقال : خطف وخطف وخطف وخطف وخطف . والأصل في المشددات اختطف ، فأدغم التاء في الطاء لأنها أختها ، وفتحت الخاء ; لأن حركة التاء ألقيت عليها . ومن كسرها فلالتقاء الساكنين . ومن كسر الطاء أتبع
[ ص: 63 ] الكسر الكسر .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=10فأتبعه شهاب ثاقب أي مضيء ، قاله
الضحاك والحسن وغيرهما . وقيل : المراد كواكب النار تتبعهم حتى تسقطهم في البحر . وقال
ابن عباس في الشهب : تحرقهم من غير موت . وليست الشهب التي يرجم الناس بها من الكواكب الثوابت . يدل على ذلك رؤية حركاتها ، والثابتة تجري ولا ترى حركاتها لبعدها . وقد مضى هذا . وجمع شهاب شهب ، والقياس في القليل أشهبة وإن لم يسمع من العرب ، و " ثاقب " معناه مضيء ، قاله
الحسن ومجاهد وأبو مجلز . ومنه قوله :
وزندك أثقب أزنادها
أي : أضوأ . وحكى
الأخفش في الجمع : شهب ثقب وثواقب وثقاب . وحكى
الكسائي : ثقبت النار تثقب ثقابة وثقوبا إذا اتقدت ، وأثقبتها أنا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم في الثاقب : إنه المستوقد ، من قولهم : أثقب زندك أي : استوقد نارك ، قاله
الأخفش . وأنشد قول الشاعر :
بينما المرء شهاب ثاقب ضرب الدهر سناه فخمد