الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1894 [ ص: 113 ] باب صيام أيام التشريق

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان صوم أيام التشريق ، ولم يذكر الحكم لاختلاف العلماء فيه ، واكتفاء مما في الحديث ، وأيام التشريق يقال لها : الأيام المعدودات ، وأيام منى ، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ، وسميت أيام التشريق ؛ لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها ) أي : تنشر في الشمس ، وإضافتها إلى منى ؛ لأن الحاج فيها في منى ، وقيل : لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس ، وقيل : لأن صلاة العيد عند شروق الشمس أول يوم منها ، فصارت هذه الأيام تبعا ليوم النحر ، وهذا يعضد قول من يقول يوم النحر منها ، وقال أبو حنيفة : التشريق التكبير دبر الصلاة ، واختلفوا في تعيين أيام التشريق ، والأصح أنها ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، وقال بعضهم : بل أيام النحر . وعند أبي حنيفة ومالك وأحمد : لا يدخل فيها اليوم الثالث بعد يوم النحر .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا في صيام أيام التشريق على أقوال : أحدها أنه لا يجوز صيامها مطلقا وليست قابلة للصوم ولا للمتمتع الذي لم يجد الهدي ولا لغيره . وبه قال علي بن أبي طالب ، والحسن ، وعطاء ، وهو قول الشافعي في الجديد ، وعليه العمل والفتوى عند أصحابه ، وهو قول الليث بن سعد وابن علية ، وأبي حنيفة وأصحابه قالوا : إذا نذر صيامها وجب عليه قضاؤها ، والثاني : أنه يجوز الصيام فيها مطلقا ، وبه قال أبو إسحاق المروزي من الشافعية ، وحكاه ابن عبد البر في ( التمهيد ) عن بعض أهل العلم ، وحكى ابن المنذر وغيره عن الزبير بن العوام وأبي طلحة من الصحابة الجواز مطلقا ، والثالث : أنه يجوز للمتمتع الذي لم يجد الهدي ولم يصم الثلاث في أيام العشر . وهو قول عائشة ، وعبد الله بن عمر ، وعروة بن الزبير . وبه قال مالك ، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه ، وهو قول الشافعي في القديم ، وقال المزني : إنه رجع عنه . والرابع : جواز صيامها للمتمتع وعن النذر إن نذر صيامها إن قدر صيام أيام قبلها متصلة بها ، وهو قول لبعض أصحاب مالك ، والخامس : التفرقة بين اليومين الأولين منها واليوم الأخير ، فلا يجوز صوم اليومين الأولين إلا للمتمتع المذكور ، ويجوز صوم اليوم الثالث له وللنذر وكذا في الكفارة إن صام قبله صياما متتابعا ثم مرض ، وصح فيه وهي رواية ابن القاسم عن مالك ، والسادس : جواز صيام اليوم الآخر من أيام التشريق مطلقا . حكاه ابن العربي عن علمائهم ، فقال : قال علماؤنا : صوم يوم الفطر ويوم النحر حرام ، وصوم اليوم الرابع لا نهي فيه، والسابع: أنه يجوز صيامها للمتمتع بشرطه ، وفي كفارة الظهار حكاه ابن العربي عن مالك قولا له ، والثامن جواز صيامها عن كفارة اليمين ، وقال ابن العربي : توقف فيه مالك ، والتاسع : أنه يجوز صيامها للنذر فقط ، ولا يجوز للمتمتع ولا غيره . حكاه الخراسانيون عن أبي حنيفة ، وقال ابن العربي : لا يساوي سماعه .

                                                                                                                                                                                  قلت : لم يصح هذا عن أبي حنيفة ، ولا يساوي سماع هذا النقل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية