2176 6 - ( حدثنا قال : حدثنا يحيى بن بكير عن الليث قال عقيل فأخبرني ابن شهاب : أن عروة بن الزبير - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ، وقال عائشة : حدثني أبو صالح عبد الله ، عن يونس ، عن ، قال : أخبرني الزهري أن عروة بن [ ص: 122 ] الزبير - رضي الله عنها - قالت : عائشة أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي ، فأنا أريد أن أسيح في الأرض ، فأعبد ربي ، قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج ، فإنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار ، فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة ، فرجع مع أبي بكر ، فطاف في أشراف كفار قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ، فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة ، وأمنوا أبا بكر ، وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا ، قال ذلك ابن الدغنة فطفق لأبي بكر ، أبو بكر يعبد ربه في داره ، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا فابتنى مسجدا بفناء داره ، وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن ، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه ، وكان لأبي بكر أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم ، فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ، وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة ، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا ، فأته ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين الاستعلان ، قالت لأبي بكر فأتى عائشة : ابن الدغنة أبا بكر ، فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترد إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له ، قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وهما أريت دار هجرتكم ، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين ، الحرتان ، فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة ، وتجهز أبو بكر مهاجرا ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي ، قال أبو بكر : هل ترجو ذلك بأبي أنت ، قال : نعم ، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصحبه ، وعلف راحلتين كانتا [ ص: 123 ] عنده ورق السمر أربعة أشهر ) . لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية ، فلما ابتلي المسلمون خرج