الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختلف العلماء في حكم الأسرى؛ من أجل اختلافهم في تأويل الآية التي ترجم بها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، فقال nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج: نسختها آية السيف: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة: 5] وقال nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: نسختها nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم [الأنفال: 57]، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق أنه لا يفادي بأسير المشركين وإن أعطي فيه كذا وكذا مديا من مال الله، وهذا مخالف عنه فيما سيأتي من إشارته ذلك في أسارى بدر. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : كتب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب: اقتلوا كل من جرت عليه المواسي. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، واعتلوا لإنكارهم إطلاق الأسرى بقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي [الأنفال: 67] الآيات، قالوا: فأنكر الله إطلاق أسرى بدر على نبيه على الفداء، فغير جائز لأحد أن يتقدم على فعله، وسنة الله في أهل الكفر إن كانوا من أهل الأوثان فقتلهم على كل حال، قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية. [التوبة: 5]، وإن كانوا من أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، فأما إطلاقهم
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: والقول عندنا في ذلك أن الآيات جميعا محكمات لا منسوخ فيهن، يبين ذلك ما كان من أحكام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماضية فيهم، وذلك أنه عمل بالآيات كلها من القتل والمن والفداء حتى توفاه الله - عز وجل - على ذلك، فكان أول أحكامه فيهم يوم بدر فعمل بها كلها يومئذ، بدأ بالقتل فقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث في قفوله، ثم قدم المدينة فحكم في سائرهم بالفداء، ثم حكم يوم الخندق nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ فقتل المقاتلة وسبى الذرية، فصوبه - صلى الله عليه وسلم - وأمضاه، ثم كانت غزاة بني المصطلق رهط جويرية بنت الحارث فاستحياهم جميعا وأعتقهم، ثم كان فتح مكة فأمر بقتل ابن خطل
[ ص: 194 ] ومقيس والقينتين وأطلق الباقين، ثم كانت حنين فسبى هوازن ومن عليهم وقتل أبا عزة الجمحي يوم أحد، وقد كان من عليه يوم بدر، وأطلق ثمامة بن أثال، فكانت هذه أحكامه - صلى الله عليه وسلم - بالمن والفداء والقتل، فليس شيء منها منسوخا، والأمور فيهم إلى الإمام، وهو مخير بين القتل والمن والفداء يفعل الأفضل في ذلك للإسلام وأهله، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري في قوله: "لو نزلت آية عذاب" إلى آخره وقوله: nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لولا كتاب من الله سبق [الأنفال: 68] الآية، إن قيل: كيف استحقوا هذه اللائمة العظيمة؟ فالجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - ومن شهد معه بدرا لم يخالفوا أمر ربهم فيستوجبوا اللائمة، وأن الذين اختاروا nindex.php?page=treesubj&link=8399فداء الأسرى على [ ص: 195 ] قتلهم اختاروا أوهن الرأيين في التدبير على أحزمهما وأقلهما نكاية في العدو، فعاتبهم الله على ذلك وأخبرهم أن الأنبياء قبله لم تكن الغنائم حلالا لهم فكانوا يقتلون من حاربوا ولا يأسرونه على طلب الفداء، فالمعنى: لولا قضاء من الله سبق أنه يحل لكم الغنيمة ولا يعذب من شهد بدرا لمسكم فيما أخذتم من الفداء عذاب عظيم.
وفي حديث ثمامة من الفقه: جواز nindex.php?page=treesubj&link=8398المن على الأسير بغير مال، وهو قول الثلاثة: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور، وقالوا: لا بأس أن يفادوا بأسرى المسلمين وبالمال أيضا. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : اختلف في هذه المسألة قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، فروي عنه أن الأسارى لا يفادى بهم ولا يردون حربا؛ لأن في ذلك قوة لأهل الحرب، وإنما يفادون بالمال، وما سواه مما لا قوة لهم فيه، وروي عنه أنه لا بأس أن يفادى بالمشركين أسارى المسلمين، وهو قول صاحبيه ورأى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أن المن منسوخ، وقيل: كان خاصا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال ابن القصار : ومما يرد عليه أنا اتفقنا معه على أن مكة فتحت عنوة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - من عليهم بغير شيء كما فعل بثمامة.
أحدها: أنها منسوخة، ولا يحل nindex.php?page=treesubj&link=33451قتل أسير صبرا وإنما يمن عليه أو يفدى، وناسخها قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد [محمد: 4] قال: الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وعطاء، زاد nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي كما سلف.
[ ص: 196 ] ثانيها: تعين القتل في الأسرى، والآية ناسخة لقوله: nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد [محمد: 4] وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد.
ثالثها: أنهما محكمتان، وهو قول ابن زيد، وهو صحيح بين؛ لأن إحداهما لا تنفي الأخرى؛ ينظر الإمام في ذلك ما يراه مصلحة من الأمور الثلاثة السالفة.
ثانية: قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: الإثخان: القتل. وقيل: حتى يبالغ في قتل أعدائه. وقيل: حتى يتمكن في الأرض. والإثخان في اللغة: القوة والشدة.
ثالثة: حاصل ما سلف أن من منع القتل شاذ، وأن الذي عليه كافة الفقهاء الجواز، وكذا المن والفداء جائزان عند الثلاثة، خلافا لأحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، والآية في السنن والفداء صريح، وكذا المن على ثمامة، nindex.php?page=treesubj&link=8403_8402_8395_8394_8397_8398_8399فالإمام مخير في الرجال المقاتلة بين خمسة أشياء: الجزية، أو القتل، أو الاسترقاق، أو المن، أو الفداء، وفي النساء والصبيان بين ثلاثة: المن، والفداء، والاسترقاق.