3184 3364 - وحدثني حدثنا عبد الله بن محمد، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، أيوب السختياني، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، يزيد أحدهما على الآخر، عن قال سعيد بن جبير، ابن عباس: أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على ثم جاء بها سارة، إبراهيم، وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة، فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقا، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم، أين [ ص: 385 ] تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتفت إليها فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذا لا يضيعنا. ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه، فقال: ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع حتى بلغ: يشكرون . وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى -أو قال: يتلبط- فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا، فهبطت من، الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات -قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فذلك سعي الناس بينهما". - فلما أشرفت على ابن عباس: المروة سمعت صوتا، فقالت: صه. تريد نفسها، ثم تسمعت، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت، إن كان عندك غواث. فإذا هي بالملك، عند موضع زمزم، فبحث بعقبه -أو قال: بجناحه- حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعد ما تغرف -قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ابن عباس: أم إسماعيل لو تركت زمزم -أو قال لو لم تغرف من الماء- لكانت زمزم عينا معينا". -قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا يرحم الله بيت الله، يبني هذا الغلام، وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله. وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك، حتى مرت بهم رفقة منجرهم -أو أهل بيت من جرهم- مقبلين من طريق كداء فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا. فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا -أو جريين- فإذا هم بالماء، [ ص: 386 ] فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا، قال: وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء. قالوا: نعم. قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فألفى ذلك ابن عباس: أم إسماعيل، وهي تحب الإنس" فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام، وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم، بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا. ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة. فشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له: يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل، كأنه آنس شيئا، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جهد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك. فطلقها، وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد، فلم يجده، فدخل على امرأته، فسألها عنه. فقالت: خرج يبتغي لنا. قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم، وهيئتهم. فقالت: نحن بخير وسعة. وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء. فقال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم دعا لهم فيه". قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه: يثبت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة -وأثنت عليه- فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته، أنا بخير. قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك. ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثم قال: يا [ ص: 387 ] إسماعيل، إن الله أمرني بأمر. قال: فاصنع ما أمرك ربك. قال: وتعينني؟ قال: وأعينك. قال: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا. وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها. قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت، وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم [البقرة: 127]. [انظر: 2368 - فتح: 6 \ 396] أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل