4473 [ ص: 38 ] 6 - باب: قوله: لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا إلى الكاذبون [ النور: 12، 13]
4750 - حدثنا حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن يونس، قال: أخبرني ابن شهاب عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، عن حديث وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله مما قالوا وكل حدثني طائفة من الحديث، وبعض حديثهم يصدق بعضا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض الذي حدثني عائشة عن عروة، - رضي الله عنها - أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك وقفل، ودنونا من عائشة: المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم، إنما تأكل العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم، وليس بها داع ولا مجيب، فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان من وراء الجيش، فأدلج، [ ص: 39 ] فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش، بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيسلم ثم يقول: " أم مسطح قبل المناصع -وهو متبرزنا- وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر كيف تيكم؟". ثم ينصرف، فذاك الذي يريبني، ولا أشعر حتى خرجت بعد ما نقهت، فخرجت معي العرب الأول في التبرز قبل الغائط، فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي ابنة أبي رهم بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة وابنها أبي بكر الصديق، مسطح بن أثاثة، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي، قد فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا! قالت: أي هنتاه، أولم تسمعي ما قال؟ قالت: قلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعني سلم ثم قال: "كيف تيكم؟". فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت أبوي فقلت لأمي: يا أمتاه، ما يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوني عليك فوالله، لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر، إلا كثرن عليها. قالت: فقلت: سبحان الله! ولقد تحدث الناس بهذا قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي فدعا [ ص: 40 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب، - رضي الله عنهما - حين استلبث الوحي، يستأمرهما في فراق أهله، قالت: فأما وأسامة بن زيد فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال: يا رسول الله، أهلك، وما نعلم إلا خيرا، وأما أسامة بن زيد فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب بريرة فقال: "أي بريرة، هل رأيت عليها من شيء يريبك". قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي ابن سلول، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر: "يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل، قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا، ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي". فقام فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه، إن كان من سعد بن معاذ الأنصاري، الأوس، ضربت عنقه ; وإن كان من إخواننا -من الخزرج- أمرتنا، ففعلنا أمرك، قالت: فقام -وهو سيد سعد بن عبادة الخزرج- وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبت، لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام وهو ابن عم أسيد بن حضير سعد، فقال كذبت، لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان لسعد بن عبادة: الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا وسكت، قالت: فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت فأصبح أبواي عندي -وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع- يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم ثم جلس قالت: ولم يجلس [ ص: 41 ] عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا، لا يوحى إليه في شأني، قالت: فتشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جلس ثم قال: "أما بعد يا فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه". قالت: فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال. قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت لأمي: أجيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن، إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة -والله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول عائشة، أبي يوسف قال: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ يوسف: 18] قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت: فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق، وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه، قالت: فلما سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سري عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: "يا أما الله -عز وجل- فقد برأك". فقالت أمي: قومي إليه. قالت: فقلت: والله، لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله -عز وجل-. وأنزل الله عائشة، إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه [ النور: 11] العشر الآيات كلها، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال - رضي الله عنه -وكان ينفق على أبو بكر الصديق مسطح بن أثاثة لقرابته منه، وفقره-: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال [ ص: 42 ] ما قال. فأنزل الله لعائشة ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم [ النور: 22] قال أبو بكر: بلى، والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. قالت وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عائشة: عن أمري، فقال: "يا زينب ابنة جحش ماذا علمت أو رأيت؟". فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيرا. قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها زينب حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك. [ انظر: 2593]. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه، قالت