2619 ص: فإن قال قائل : فإذا كانت الإشارة في المسألة عندكم قد ثبت أنها بخلاف الكلام ، وأنها لا تقطع الصلاة كما يقطعها ، واحتججتم في ذلك بهذه الآثار التي رويتموها عن رسول الله - عليه السلام - ، فلم كرهتم رد السلام من المصلي بالإشارة ؟ وقد فعل ذلك رسول الله - عليه السلام - فيما رويتموه في هذه الآثار ، لئن كان ذلك حجة لكم في أن ، فإنه حجة عليكم في أن الإشارة لا بأس بها : الإشارة لا تقطع الصلاة
قيل له : أما ما احتججنا بهذه الآثار من أجله وهو أن الإشارة لا تقطع الصلاة فقد ثبت ذلك بهذه الآثار على ما احتججنا به منها .
وأما ما ذكرت من إباحة الإشارة في الصلاة في رد السلام فليس فيها دليل على ذلك ، وذلك أن الأمر الذي هو فيها هو أن رسول الله - عليه السلام - أشار إليهم فلو قال لنا رسول الله - عليه السلام - : إن تلك الإشارة أردت بها رد السلام على من سلم علي ثبت بذلك أن كذلك حكم المصلي إذا سلم عليه في الصلاة ، ولكنه لم يقل من ذلك شيئا ، فاحتمل أن يكون الإشارة كانت ردا منه للسلام كما ذكرتم ، واحتمل أن تكون [ ص: 90 ] كانت منه نهيا لهم عن السلام عليه وهو يصلي ، فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شيء ، واحتمل من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين ; لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها مما تأوله الآخر إلا بحجة يقيمها على مخالفه ، إما من كتاب ، وإما من سنة ، وإما من إجماع .