4219  4220 ص: فكان من حجتنا عليهم أن هذا الأمر إن كان يؤخذ من طريق صحة الإسناد واستقامته وهكذا مذهبهم، فإن حديث  أبي رافع  الذي ذكروا فإنما رواه  مطر الوراق  ، ومطر  عندهم ليس هو ممن يحتج بحديثه، وقد رواه  مالك،  وهو أضبط منه وأحفظ فقطعه. 
حدثنا  يونس،  قال: أنا  ابن وهب  ، أن  مالكا،  حدثه عن  ربيعة بن أبي عبد الرحمن  ، عن  سليمان بن يسار: "  ، أن رسول الله -عليه السلام- بعث أبا رافع  مولاه ورجلا من الأنصار  فزوجاه  ميمونة بنت الحارث  ، وهو بالمدينة  ، قبل أن يخرج".   . وحديث يزيد بن الأصم  ، فقد ضعفه عمرو بن دينار  في خطابه للزهري،  ، وترك الزهري  الإنكار عليه، وأخرجه من أهل العلم وجعله أعرابيا بوالا، وهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام، وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار   5 والزهري،   . وقد أجمعا جميعا على الكلام بما ذكرنا في يزيد بن الأصم،  ؟ ومع هذا فإن الحجة عندكم في ميمون بن مهران  ، هو جعفر بن برقان،  ، وقد روى هذا الحديث منقطعا. 
حدثنا فهد  ، قال: ثنا  أبو نعيم  ، قال: ثنا جعفر بن برقان  ، عن  ميمون بن مهران  ، قال: " كنت عند عطاء  ، فجاءه رجل، فقال: هل يتزوج المحرم؟ فقال: ما حرم الله -عز وجل- النكاح منذ أحله، قال ميمون:   : فقلت له: إن عمر بن عبد العزيز   -رضي الله عنه- كتب إلي أن سل  يزيد بن الأصم  ، أكان رسول الله -عليه السلام- حين تزوج  ميمونة  ، حلالا أو حراما؟ فقال يزيد:   : تزوجها وهو حلال، فقال  عطاء:   : ما كنا نأخذ بهذا إلا عن  ميمونة،  ، كنا نسمع أن رسول الله -عليه السلام- تزوجها وهو محرم".  . 
فأخبر جعفر بن برقان،  عن ميمون بن مهران  ، بالسبب الذي وقع إليه هذا الحديث عن يزيد بن الأصم،  ، وأنه إنما كان ذلك من قول يزيد  ، لا عن  ميمونة  ، 
 [ ص: 325 ] ولا عن غيرها، ثم حاج ميمون  بعد عطاء  ، فذكره عن يزيد  ، ولم يجوزه به، فلو كان عنده عمن هو أبعد منه لاحتج به؛ ليؤكد بذلك حجته، فهذا هو أصل هذا الحديث أيضا عن يزيد بن الأصم  ، لا عن غيره، والذين رووا أن النبي -عليه السلام- تزوجها وهو محرم أهل علم وثبت أصحاب ابن عباس   -رضي الله عنهما- سعيد بن جبير  ، وعطاء  ، وطاوس  ، ومجاهد  ، وعكرمة  ، وجابر بن زيد   . -رضي الله عنهم- وهؤلاء أئمة فقهاء يحتج برواياتهم وآرائهم، والذين نقلوا عنهم فكذلك أيضا منهم: عمرو بن دينار  ، وأيوب السختياني  ، وعبد الله بن أبي نجيح،   . فهؤلاء أيضا أئمة يقتدى برواياتهم، ثم قد روي عن  عائشة  أيضا ما قد وافق ما روي عن ابن عباس،  روى ذلك عنها من لا يطعن أحد فيه: أبو عوانة،  ، عن مغيرة،  ، عن أبي الضحى،  ، عن مسروق،   . فكل هؤلاء أئمة يحتج بروايتهم، فما رووا من ذلك أولى مما روى من ليس كمثلهم في الضبط والفقه والأمانة. 
وأما حديث عثمان   -رضي الله عنه- فإنما رواه نبيه بن وهب،  ، وليس كعمرو بن دينار  ، ولا كجابر بن زيد  ، ولا كمن روى ما يوافق ذلك عن مسروق،  ، عن  عائشة،  ، ولا لنبيه  أيضا موضع في العلم كموضع أحد [ممن] ذكرنا، فلا يجوز إذ كان كذلك أن يعارض بين جميع من ذكرنا ممن روى بخلاف الذي روى هو؛ فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار. 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					