5506 5507 ص: فإن قال قائل: فأنتم لا تجعلون الخيار للبائع المتلقى كما جعله له النبي -عليه السلام- في هذا الحديث، فجوابنا له في ذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ثبت عنه أنه قال: وتواترت عنه الآثار بذلك، وسنذكرها في موضعها في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، فعلمنا بذلك أنهما إن تفرقا فلا خيار لهما. " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" "
فإن قال قائل: فأنت قد جعلت لمن اشترى ما لم يره خيار الرؤية حتى يراه فيرضاه، فيما أنكرت أن يكون خيار المتلقى كذلك أيضا.
[ ص: 381 ] قيل له: إن لم نوجبه قياسيا وإنما وجدنا أصحاب النبي -عليه السلام- أثبتوه وحكموا به وأجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه، وإنما جاء الاختلاف في ذلك ممن بعدهم، فجعلنا ذلك خارجا من قول النبي -عليه السلام- خيار الرؤية وعلمنا أن النبي -عليه السلام- لم يعن ذلك لإجماعهم على خروجه منه، كما علمنا بإجماعهم على تجويز السلم ، أنه خارج من نهي رسول الله -عليه السلام- عن بيع ما ليس عندك. البيعان بالخيار حتى يتفرقا، "
فإن قال قائل: فهل رويتم عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في خيار الرؤية شيئا؟ قيل له: نعم.
حدثنا أبو بكرة ومحمد بن شاذان ، قالا: ثنا هلال بن يحيى بن مسلم ، قال: ثنا ، عن عبد الرحمن بن مهدي رباح بن أبي معروف المكي ، عن ابن أبي مليكة ، عن قال: "اشترى علقمة بن وقاص الليثي، من طلحة بن عبيد الله عثمان بن عفان -رضي الله عنهما- مالا، فقيل لعثمان: : إنك قد غبنت وكان المال بالكوفة ، -قال: وهو مال آل طلحة الآن بها- فقال : لي الخيار؛ لأني بعت ما لم أر، فقال عثمان: طلحة: : لي الخيار لأني اشتريت ما لم أر، فحكم بينهما ، فقضى أن الخيار جبير بن مطعم لطلحة ، ولا خيار لعثمان".
والآثار في ذلك قد جاءت متواترة وإن كان أكثرها منقطعا؛ فإنه منقطع لم يضاده متصل.