5536 ص: وقال عيسى بن أبان: : الفرقة التي تقطع الخيار المذكور في هذه الآثار هي الفرقة بالأبدان، وذلك أن الرجل إذا قال للرجل: قد بعتك عبدي بألف درهم فللمخاطب بذلك القول أن يقبل ما لم يفارق صاحبه، فإذا افترقا لم يكن له بعد ذلك أن يقبل، قال: ولولا أن هذا الحديث جاء، ما علمنا ما يقطع بما للمخاطب من قبول المخاطبة التي خاطب بها صاحبه وأوجب له بها البيع، فلما جاء هذا [ ص: 416 ] الحديث علمنا أن افتراق أبدانهما بعد المخاطبة بالبيع يقطع قبول تلك المخاطبة، وقد روى هذا التفسير عن أبي يوسف -رحمه الله-.
قال عيسى: : وهذا أولى ما حمل عليه تأويل هذا الحديث؛ لأنا رأينا الفرقة التي لها حكم -فيما اتفقوا عليه- هي الفرقة في الصرف، فكانت تلك الفرقة إنما يجب بها فساد عقد متقدم ولا يجب بها صلاحه، وكانت هذه الفرقة المروية عن رسول الله -عليه السلام- في خيار المتبايعين، إذا جعلناها على ما ذكرنا فسد بها ما كان تقدم من عقد المخاطب، وإن جعلناها على ما قال الذين جعلوا بخلاف فرقة الصرف، ولم يكن لها أصل فيما اتفقوا عليه؛ لأن الفرقة المتفق عليها إنما يفسد بها ما تقدمها، إذا لم يكن تم حتى كانت، فأولى الأشياء بنا أن نجعل هذه الفرقة المختلف فيها كالفرقة المتفق عليها؛ فيجب بها فساد ما قد تقدمها ما لم يكن تم حتى كانت، فثبت بذلك ما ذكرنا. الفرقة بالأبدان يتم بها البيع