5538 5539 5540 ص: وأما ما ذكروه عن أبي برزة ، فلا حجة لهم فيه أيضا عندنا، لأن ذلك الحديث إنما هو فيما رواه حماد بن زيد ، عن جميل بن مرة: ، أبو برزة: : ( إن شئتما قضيت بينكما بقضاء رسول الله -عليه السلام-، قال رسول الله -عليه السلام-: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " وما أراكما تفرقتما". أن رجلا باع صاحبه فرسا، فباتا في منزل، فلما أصبحا قام الرجل يسرج فرسه، فقال له: قد بعتني، فقال
ففي هذا الحديث ما يدل على أنهما قد كانا تفرقا بأبدانهما؛ لأن فيه أن الرجل قام يسرج فرسه، فقد تنحى بذلك من موضع إلى موضع، فلم يراع أبو برزة ذلك، [ ص: 424 ] وقال: ما أراكما تفرقتما، أي لما كنتما متشاجرين، أحدكما يدعي البيع والآخر ينكره، لم تكونا تفرقتما الفرقة التي يتم بها البيع، وهي خلاف ما قد تفرقا بأبدانهما.
ثم بعد هذا فقد وجدنا عن رسول الله -عليه السلام- ما يدل على أن وذلك أن رسول الله -عليه السلام- قال: البيع يملكه المشتري بالقول دون التفرق بالأبدان، فكان ذلك دليلا على أنه إذا قبضه حل له بيعه، وقد يكون قابضا له قبل افتراق بدنه وبدن بائعه، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه" وسنذكر هذه الآثار في موضعها من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى. "من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه"
حدثنا قال: ثنا يونس، قال: أخبرني ابن وهب، (ح). ابن لهيعة
وحدثنا قال: ثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو الأسود، ، عن ابن لهيعة ، عن موسى بن وردان قال: سعيد بن المسيب، -رضي الله عنه- يخطب على المنبر يقول: "كنت أشتري التمر فأبيعه بربح الآصع، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل، عثمان بن عفان سمعت . فكان من لا يجوز بيعه، فإذا ابتاعه فاكتاله وقبضه ثم فارق بائعه فكل قد أجمع أنه لا يحتاج بعد الفرقة إلى إعادة الكيل، وخولف بين اكتياله إياه بعد البيع قبل التفرق، وبين اكتياله إياه قبل البيع، فدل ذلك أنه إذا اكتاله اكتيالا يحل له بيعه، فقد كان ذلك الاكتيال منه وهو له مالك. ابتاع طعاما مكايلة فباعه قبل أن يكتاله
وإذا اكتاله اكتيالا لا يحل له بيعه فقد كاله وهو غير مالك له.
فثبت بما ذكرنا وقوع ملك المشتري في البيع بابتياعه إياه قبل فرقة تكون بعد ذلك، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.