5241 [ ص: 349 ] ص: وكان من الحجة للآخرين عليهم: أنا نعلم أن أرض السواد لو كانت كما ذكر أهل المقالة الأولى لكان قد وجب فيها خمس الله بين أهله الذين جعله الله - عز وجل - لهم، وقد علمنا أنه لا يجوز لإمام المسلمين أن يجعل ذلك الخمس ولا شيئا منه لأهل الذمة، وقد كان أهل السواد الذين أقرهم -رضي الله عنه- قد صاروا أهل ذمة وكان السواد بأسره في أيديهم، فثبت بذلك أن ما فعله عمر -رضي الله عنه- من ذلك كان من جهة غير الجهة التي ذكروا، وهو على أنه لم يكن وجب لله - عز وجل - في ذلك خمس، فكذلك ما فعل في رقابهم فمن عليهم بأن أقرهم في أرضهم ونفى الرق عنهم، وأوجب الخراج عليهم في رقابهم وأرضيهم فملكوا بذلك أرضهم وانتفى الرق عن رقابهم. عمر
فثبت بذلك أن للإمام أن يفعل هذا بما افتتح عنوة فينفي عن أهلها رق المسلمين، وعن أرضيهم ملك المسلمين منه، ويوجب ذلك لأهلها، ويضع عليها ما يجب عليهم وضعه من الخراج كما فعل -رضي الله عنه- بحضرة أصحاب رسول الله -عليه السلام-. عمر بن الخطاب
واحتج -رضي الله عنه- لذلك بقول الله - عز وجل -: عمر ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ثم قال: للفقراء المهاجرين فأدخلهم معهم، ثم قال: والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يريد بذلك الأنصار، فأدخلهم معهم. ثم قال: والذين جاءوا من بعدهم فأدخل فيها جميع من يجيء من بعدهم، فللإمام أن يفعل ذلك ويضعه حيث رأى وضعه مما سمى الله - عز وجل - في هذه السورة.
فثبت بما ذكرنا ما ذهب إليه وسفيان، وهو قول أبو حنيفة أبي يوسف - رحمهم الله -. ومحمد
[ ص: 350 ]