6971 6972 6973 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس بالبكاء على الميت إذا كان بكاء لا معصية معه من قول فاحش ولا نياحة، واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن الحارث الأنصاري ، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "اشتكى سعد بن عبادة شكوى، فأتى رسول الله -عليه السلام- يعوده مع عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم -، فلما دخل عليه وجده في غشيته، فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا والله يا رسول الله، فبكى رسول الله -عليه السلام-، فلما رأى القوم بكي رسول الله -عليه السلام- بكوا، فقال: ألا تسمعوا أن الله تعالى لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم".
حدثنا أحمد بن الحسن ، قال: سمعت سفيان يقول: حدثني ابن عجلان ، عن وهب بن كيسان ، عن أبي هريرة: "أن عمر - رضي الله عنه - أبصر امرأة تبكي على ميت فنهاها، فقال له رسول الله -عليه السلام-: دعها يا أبا حفص ، فإن النفس مصابة، والعين بكية، والعهد قريب".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة بن زيد الليثي ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر: "أن رسول الله -عليه السلام- مر بنساء بني الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد، فقال رسول الله -عليه السلام-: لكن حمزة لا بواكي له، فجاء نساء [ ص: 507 ] الأنصار يبكين حمزة ، فاستيقظ رسول الله -عليه السلام- فقال: ويحهن، ما انقلبن بعد مرورهن، فلينقلبن، ولا يبكين على هالك بعد اليوم". .
حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن عمر ، قال: ثنا سفيان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن القاسم ، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "رأيت رسول الله -عليه السلام- يقبل عثمان بن مظعون بعد موته، ودموعه تسيل على لحيته".
ففي هذه الآثار التي ذكرنا إباحة البكاء على الموتى، وذلك على أن ذلك غير ضار لهم ولا سبب لعذابهم، ولولا ذلك لما بكى رسول الله -عليه السلام- ولا أباح البكاء، ولمنع من ذلك.


