5872 ص: فكان من حجتنا للآخرين في ذلك : أنه لو لم يكن روي عن رسول الله -عليه السلام - في العمرى حديث غير حديث أبي سلمة  هذا ; لكان فيه أكبر الحجة للذين يقولون أن العمرى لا ترجع إلى المعمر أبدا ولا يجوز شرطه ، وذلك أن العمرى لا تخلو من أحد وجهين : 
إما أن تكون داخلة في قول النبي -عليه السلام - :  "المسلمون عند شروطهم   " فينفذ للمعمر فيها الشرط على ما شرطه لا يبطل من ذلك شيء ، كما تنفذ الشروط من الموقف فيما يوقف . 
أو تكون خارجة من ملك المعمر داخلة في ملك المعمر فتصير بذلك في سائر ماله . 
ويبطل ما شرطه عليه فيها ، فنظرنا في ذلك ، فإذا العمرى إذا أوقعت على أنها للمعمر ولعقبه فمات وله عقب وزوجة أو أوصى بوصايا ، أو كان عليه دين ; أن 
 [ ص: 387 ] تلك الأشياء تنفذ فيها كما تنفذ في ماله ، ولا يمنعها الشرط الذي كان من المعمر في جعله إياها له ولعقبه ، وزوجته ليست من عقبه ولا غرماؤه ولا أهل وصاياه ، وكذلك لو مات المعمر ولا عقب له لم يرجع بشيء من ذلك إلى المعمر ، فلما كان ما وصفنا كذلك كانت كذلك أبدا تجوز على ما جعلها عليه المعمر ، ويبطل شرطه الذي اشترطه فيها فلا ينفذ منه قليل ولا كثير ، وتخرج من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :  "المسلمون عند شروطهم  " فتكون شروطها ليست من الشروط التي عناها النبي -عليه السلام - . 
وهذا القول الذي صححناه هو قول  أبي حنيفة   وأبي يوسف  ومحمد   -رحمهم الله - . 
     	
		
				
						
						
