7407 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن حديث ابن عباس الذي ذكروا على ما قد ذكرناه في أول هذا الباب ليس معناه عندنا على ما حملوه عليه، ولكن معناه عندنا -والله أعلم- على كعم وعمة فالباقي للعم دون العمة؛ لأنهما في درجة واحدة متساويان في النسب، وفضل العم على العمة في ذلك بأن كان ذكرا، فهذا معنى قوله: "فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر" وليس الأخت مع أخيها داخلين في ذلك، والدليل على ما ذكرنا من ذلك أنهم قد أجمعوا في بنت وبنت ابن، وابن ابن. أن للابنة النصف، وما بقي فبين ابن الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الأنثيين، ولم يجعلوا ما بقي بعد نصيب الابنة لابن الابن خاصة دون ابنة الابن، ولم يكن معنى قول رسول الله -عليه السلام-: "فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر" على ذلك إنما هو على غيره. ما أبقت الفرائض بعد السهام فلأولى رجل ذكر
فلما ثبت أن هذا خارج منه باتفاقهم، وثبت أن العم والعمة داخلان في ذلك باتفاقهم، إذ جعلوا ما بقي بعد نصيب البنت للعم دون العمة.
ثم اختلفوا في الأخت مع الأخ، فقال قوم: هما كالعمة والعم.
وقال آخرون: هما كابن الابن وابنة الابن؛ فنظرنا في ذلك لنعطف ما اختلفوا فيه منه على ما أجمعوا عليه؛ فرأينا الأصل المتفق عليه أن ابن الابن وبنت [ ص: 224 ] الابن لو لم يكن غيرهما كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإذا كانت معهما ابنة، كان لها النصف، وكان ما بقي بعد ذلك النصف بين ابن الابن وابنة الابن على مثل ما يكون لهما من جميع المال لو لم يكن معهما ابنة، وكان العم والعمة لو لم يكن معهما ابنة كان المال باتفاقهم للعم دون العمة، فإذا كانت هناك ابنة كان لها النصف وما بقي بعد ذلك فهو للعم دون العمة، فكان ما بقي بعد نصيب البنت للذي كان يكون له جميع المال لو لم تكن بنت.
فلما كان ذلك كذلك وكان الأخ والأخت لو لم يكن معهما ابنة كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، فالنظر على ذلك أن يكونا كذلك إذا كانت معهما ابنة، فوجب لها نصف المال لحق فرض الله -عز وجل- لها، وأن يكون ما بقي بعد ذلك النصف بين الأخ والأخت كما كان يكون لهما جميع المال لو لم تكن بنت؛ قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك.