7317 ص: وكان حديث يونس الذي قد بدأنا بذكره في أول هذا الباب قد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- أراد بذلك الشعر الذي نهى عنه أن هو الشعر الذي كانت ينشد في المسجد، قريش تهجوه به.
ويجوز أن يكون من الشعر الذي تؤبن فيه النساء وترزأ فيه الأموات، على ما قد ذكرناه في باب "رواية الشعر" من جواب الأنصاري من أصحاب رسول الله -عليه السلام- لابن الزبير بذلك حين أنكر عليهم إنشاد الشعر حول الكعبة. .
وقد يجوز أن يكون أراد بذلك: الشعر الذي يغلب على المسجد حين يكون كل من فيه -أو كثر من فيه- متشاغلا بذلك، كمثل ما تأول عليه ابن عائشة 5 وأبو عبيد قول رسول الله -عليه السلام-: على ما قد ذكرنا ذلك عنهما في غير هذا الموضع. "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا"
فيكون الشعر المنهي عنه في هذا الحديث هو خاص من الشعر، وهو الذي فيه معنى من هذه المعاني الثلاثة التي ذكرنا؛ حتى لا يضاد ذلك ما قد رويناه عن رسول الله -عليه السلام- من إباحة ذلك، وما عمل به أصحابه من بعده.