15371 6700 - (15798) - (3\460 - 461) عن قال: فحدثني ابن إسحاق، معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين، أخو بني سلمة، أن أخاه عبيد الله بن كعب، وكان من أعلم الأنصار، حدثه أن أباه وكان كعب بن مالك، كعب ممن شهد العقبة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، قال: كبيرنا وسيدنا، فلما توجهنا لسفرنا وخرجنا من البراء بن معرور المدينة، قال لنا: يا هؤلاء، إني قد رأيت والله رأيا، وإني والله ما أدري توافقوني عليه أم لا، قال: قلنا له: وما ذاك؟ قال: قد رأيت أن لا أدع هذه [ ص: 25 ] البنية مني بظهر، يعني البراء الكعبة، وأن أصلي إليها، قال: فقلنا: والله ما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه ، فقال: إني أصلي إليها، قال: فقلنا له: لكنا لا نفعل، فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة، قال أخي: وقد كنا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلا الإقامة عليه، فلما قدمنا مكة قال: يا ابن أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاسأله عما صنعت في سفري هذا، فإنه والله قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه .
قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكة، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تعرفانه؟ قال: قلنا: لا، قال: فهل تعرفان عمه؟ قلنا: نعم، قال: وكنانعرف العباس بن عبد المطلب كان لا يزال يقدم علينا تاجرا، قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس، قال: فدخلنا المسجد فإذا العباس، جالس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس فسلمنا، ثم جلسنا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس هل تعرف هذين الرجلين يا للعباس: " أبا الفضل؟ " قال: نعم هذا سيد قومه، وهذا البراء بن معرور قال: فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشاعر؟ " قال: نعم، قال: فقال كعب بن مالك، يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا، وهداني الله للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال: " لقد البراء بن معرور: إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء فصلى معنا إلى كنت على قبلة لو صبرت عليها " قال: فرجع الشام، قال: وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم .
قال: وخرجنا إلى الحج، فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا [ ص: 26 ] سيد من سادتنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه، وقلنا له: يا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر أبا جابر، إنك سيد من سادتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا، ثم دعوته إلى الإسلام، وأخبرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وشهد معنا العقبة، وكان نقيبا، قال: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن سبعون رجلا، ومعنا امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن ثابت إحدى نساء بني سلمة، وهي أم منيع .
قال: فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب، أول متكلم، فقال: يا معشر العباس بن عبد المطلب الخزرج، قال: وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها، إن محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، وهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، قال: فقلنا: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك، ولربك ما أحببت، قال: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا ودعا إلى الله عز وجل ورغب في الإسلام، قال: " أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم، وأبناءكم " قال: فأخذ بيده ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن أهل الحروب، وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر . البراء بن معرور
قال: فاعترض القول، يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم والبراء أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالا، وإنا [ ص: 27 ] قاطعوها - يعني العهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك، وتدعنا؟ قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: " بل الدم الدم، والهدم الهدم أنا منكم، وأنتم مني أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم "، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم "، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس . وأما معبد بن كعب فحدثني في حديثه، عن أخيه، عن أبيه - قال: كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك ثم تتابع القوم، فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس البراء بن معرور، العقبة بأبعد صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب - والجباجب: المنازل - هل لكم في مذمم والصباة معه؟ قد أجمعوا على حربكم ـ قال يعني علي ما يقوله عدو الله محمدـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا أزب ابن إسحاق العقبة هذا ابن أنيب، اسمع أي عدو الله أما والله، لأفرغن لك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ارفعوا إلي رحالكم " قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم أؤمر بذلك " .
قال: فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، والله إنه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم، قال: فانبعث من هنالك من مشركي قومنا، يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء، وما علمناه، وقد صدقوا لم يعلموا ما كان منا، قال: فبعضنا ينظر إلى بعض، قال: وقام القوم وفيهم وعليه نعلان جديدان، قال: فقلت [ ص: 28 ] كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا: ما تستطيع يا الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، أبا جابر، وأنت سيد من سادتنا أن تتخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش، فسمعها الحارث فخلعهما، ثم رمى بهما إلي، فقال: والله لتنتعلنهما قال: يقول أبو جابر: أحفظت - والله - الفتى ، فاردد عليه نعليه، قال: فقلت: والله لا أردهما، فأل والله صالح، والله لئن صدق الفأل لأسلبنه . خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا ومعنا
فهذا حديث من كعب بن مالك العقبة وما حضر منها .