15773 6952 - (16206) - (4\13 - 14) عن عاصم بن لقيط، لقيطا خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه صاحب له يقال له : نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال لقيط : فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في الناس [ ص: 265 ] خطيبا، فقال : " أيها الناس، ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام، ألا لأسمعنكم، ألا فهل من امرئ بعثه قومه؟ فقالوا : اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسئول، هل بلغت؟ ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا " قال : فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده، وبصره، قلت : يا رسول الله، ما عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمر الله، وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسقطه، فقال : " وأشار بيده، قلت : وما هي؟ قال : " علم المنية، قد علم منية أحدكم، ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه، ولا تعلمونه، وعلم ما في غد، [ قد علم] ما أنت طاعم غدا، ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث، يشرف عليكم آزلين آزلين مشفقين، فيظل يضحك قد علم أن غيركم إلى قرب" قال ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب، لا يعلمها إلا الله "، لقيط قلت : : لن نعدم من رب يضحك خيرا، وعلم يوم الساعة، قلت : يا رسول الله، علمنا مما تعلم الناس، وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدق تصديقنا أحد من مذحج التي تربأ علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها، قال : " تلبثون ما لبثتم، ثم يتوفى نبيكم ، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعث الصائحة لعمر إلهك، ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات، والملائكة الذين مع ربك عز وجل، فأصبح ربك يطوف في الأرض، وخلت عليه البلاد، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت، إلا شقت القبر عنه، حتى تجعله من عند رأسه، فيستوي جالسا، فيقول ربك : مهيم لما كان فيه، يقول : يا رب، أمس، اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه، حديثا بأهله " .
[ ص: 266 ] "، فقلت : يا رسول الله، كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى ، والسباع؟، قال : " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرفت عليها، وهي مدرة بالية، فقلت : لا تحيا أبدا، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها، وهي شربة واحدة ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء، ومن مصارعهم فتنظرون إليه، وينظر إليكم " قال : قلت : يا رسول الله، وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال : " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل، الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم، ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم، وترونه من أن ترونهما، ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما " قلت : يا رسول الله، فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه؟ قال : " تعرضون عليه بادية له صفحاتكم، لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحميم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيكم ويفترق على إثره الصالحون، فيسلكون جسرا من النار، فيطأ أحدكم الجمر، فيقول : حس يقول ربك عز وجل : أوانه، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ، والله ناهلة قط، ما رأيتها، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده، إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف، والبول، والأذى ، وتحبس الشمس والقمر، ولا ترون منهما واحدا " قال : قلت : يا رسول الله، فبما نبصر؟ قال : " بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض، واجهت به الجبال " .
[ ص: 267 ] قال : قلت : يا رسول الله، فبم نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال : " الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، إلا أن يعفو " قال : قلت : يا رسول الله، أما الجنة، أما النار قال : " لعمر إلهك إن للنار لسبعة أبواب، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما، وإن للجنة لثمانية أبواب ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما " قلت : يا رسول الله، فعلى ما نطلع من الجنة؟ قال : " على أنهار من عسل مصفى ، وأنهار من كأس ما بها من صداع، ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسن، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة " قلت : يا رسول الله، أولنا فيها أزواج، أو منهن مصلحات؟ قال : " الصالحات للصالحين، تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد " .
قال لقيط : فقلت : أقصى ما نحن بالغون، ومنتهون إليه؟ فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم، قلت : يا رسول الله، على ما أبايعك؟ قال : فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده، وقال : " على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك بالله إلها غيره " قلت : وإن لنا ما بين المشرق، والمغرب؟ فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده، وظن أني مشترط شيئا لا يعطينيه، قال : قلت : نحل منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه، فبسط يده، وقال : " ذلك لك تحل حيث شئت، ولا يجني عليك إلا نفسك " قال : فانصرفنا عنه، ثم قال : " إن هذين لعمر إلهك من أتقى الناس في الأولى ، والآخرة " فقال له كعب ابن الخدارية أحد بني بكر بن كلاب : من هم يا رسول الله؟ قال : " بنو المنتفق أهل ذلك " قال : فانصرفنا، وأقبلت عليه، فقلت : يا رسول الله، هل لأحد ممن مضى من خير في جاهليتهم؟ قال : قال رجل من عرض قريش : والله إن أباك المنتفق لفي النار، قال : فلكأنه وقع حر بين [ ص: 268 ] جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رءوس الناس، فهممت أن أقول : وأبوك يا رسول الله؟ ثم إذا الأخرى أجمل ، فقلت : يا رسول الله ، وأهلك؟ قال : " وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامري ، أو قرشي من مشرك ، فقل : أرسلني إليك محمد ، فأبشرك بما يسوءك ، تجر على وجهك ، وبطنك في النار " قال : قلت : يا رسول الله ، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه؟ وكانوا يحسبون أنهم مصلحون؟ قال : " ذلك لأن الله عز وجل بعث في آخر كل سبع أمم - يعني - نبيا ، فمن عصى نبيه كان من الضالين ، ومن أطاع نبيه كان من المهتدين " . أن