2890 - حدثنا ، قال : ثنا علي بن معبد ، قال : ثنا يونس بن محمد ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما ، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت .
ففي حديث عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد مقتلهم بثمان سنين ، فلا يخلو صلاته عليهم في ذلك الوقت من أحد ثلاثة معان :
إما أن يكون سنتهم كانت أن لا يصلى عليهم ، ثم نسخ ذلك الحكم بعد بأن يصلى عليهم .
أو أن تكون تلك الصلاة التي صلاها عليهم تطوعا ، وليس للصلاة عليهم أصل في السنة والإيجاب .
أو يكون من سنتهم أن لا يصلى عليهم بحضرة الدفن ، ويصلى عليهم بعد طول هذه المدة . لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم من هذه المعاني الثلاثة . فاعتبرنا ذلك ، فوجدنا أمر الصلاة على سائر الموتى ، هو أن يصلى عليهم قبل دفنهم . ثم تكلم الناس في التطوع عليهم قبل أن يدفنوا ، وبعدما يدفنون ، فجوز ذلك قوم وكرهه آخرون . فأمر السنة فيه أوكد من التطوع لاجتماعهم على السنة واختلافهم في التطوع . فإن كان قتلى أحد ممن تطوع بالصلاة عليهم كان في ثبوت ذلك ثبوت السنة في الصلاة عليهم قبل أوان وقت التطوع بها عليهم ، وكل تطوع فله أصل في الفرض .
[ ص: 505 ] فإن ثبت أن تلك الصلاة كانت من النبي صلى الله عليه وسلم تطوعا تطوع به ، فلا يكون ذلك إلا والصلاة عليهم سنة ، كالصلاة على غيرهم . وإن كانت صلاتهم عليهم لعلة نسخ فعله الأول ، وتركه الصلاة عليهم ، فإن صلاته هذه عليهم توجب أن من سنتهم الصلاة عليهم ، وأن تركه الصلاة عليهم عند دفنهم منسوخ . وإن كانت صلاته عليهم إنما كانت لأن هكذا سنتهم ، أن لا يصلى عليهم إلا بعد هذه المدة ، وأنهم خصوا بذلك ، فقد يحتمل أن يكون كذلك حكم سائر الشهداء ، أن لا يصلى عليهم إلا بعد مضي مثل هذه المدة . ويجوز أن يكون سائر الشهداء يعجل الصلاة عليهم غير شهداء أحد ، فإن سنتهم كانت تأخير الصلاة عليهم أنه قد ثبت بكل هذه المعاني أن من سنتهم ثبوت الصلاة عليهم إما بعد حين وإما قبل الدفن .
ثم كان الكلام بين المختلفين في وقتنا هذا ، إنما هو في إثبات الصلاة عليهم قبل الدفن ، أو في تركها البتة .
فلما ثبت في هذا الحديث الصلاة عليهم بعد الدفن كانت الصلاة عليهم قبل الدفن أحرى وأولى .
ثم قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير شهداء أحد ، أنه صلى عليهم .