2891 - فمن ذلك ما حدثنا ، قال : ثنا ابن أبي داود ، قال : أنا نعيم بن حماد ، قال : أنا عبد الله بن المبارك ابن جريج [ ص: 506 ] قال : أخبرني عكرمة بن خالد أن ابن أبي عمار ، أخبره ، عن شداد بن الهاد ، محمد ، ما هذا ؟ قال : قسمته لك . قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكني اتبعتك أن أرمى هاهنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت وأدخل الجنة . فقال : إن تصدق الله يصدقك . فلبثوا قليلا ، ثم نهضوا إلى العدو ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل ، قد أصابه سهم حيث أشار . فقال النبي : أهو هو ؟ قالوا : نعم . قال : صدق الله فصدقه ، وكفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدمه فصلى عليه . فكان مما ظهر من صلاته عليه : اللهم إن هذا عبدك ، خرج مهاجرا في سبيلك ، فقتل شهيدا ، أنا شهيد عليه أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وقال : أهاجر معك فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه . فلما كانت غزوة ، غنم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء ، فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرى ظهرهم . فلما جاء دفعوه إليه فقال : ما هذا ؟ قالوا : قسم قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخذه فجاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا .
ففي هذا الحديث ، إثبات الصلاة على الشهداء الذين لا يغسلون ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يغسل الرجل وصلى عليه . فثبت بهذا الحديث أن كذلك حكم الشهيد المقتول في سبيل الله في المعركة ، يصلى عليه ولا يغسل . فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .
وأما النظر في ذلك ، فإنا رأينا الميت حتف أنفه ، يغسل ويصلى عليه ، ورأيناه إذا صلي عليه ولم يغسل كان في حكم من لم يصل عليه . فكانت الصلاة عليه مضمنة بالغسل الذي يتقدمها . فإن كان الغسل قد كان جازت الصلاة عليه ، وإن لم يكن غسل لم تجز الصلاة عليه .
ثم رأينا الشهيد قد سقط أن يغسل ، فالنظر على ذلك أن يسقط ما هو مضمن بحكم الغسل . ففي هذا ما يوجب ترك الصلاة عليه إلا أن في ذلك معنى ، وهو أنا رأينا غير الشهيد يغسل ليطهر ، وهو قبل أن يغسل في حكم غير الطاهر ، لا ينبغي الصلاة عليه ولا دفنه على حاله تلك ، حتى ينقل عنها بالغسل .
ثم رأينا الشهيد لا بأس بدفنه على حاله تلك قبل أن يغسل ، وهو في حكم سائر الموتى الذين قد غسلوا . فالنظر على ذلك أن يكون الصلاة عليهم في حكم سائر الموتى الذين قد غسلوا . هذا هو النظر في هذا الباب مع ما قد شهد له من الآثار ، وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف رحمهم الله تعالى . ومحمد