[ ص: 138 ] 8 - باب : الرجل يحرم وعليه قميص ، كيف ينبغي له أن يخلعه ؟
3640 - حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة ، عن عبد الملك بن جابر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه ، فنظر القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن يقلد اليوم ، ويشعر على كذا وكذا ، فلبست قميصي ونسيت ، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي ، وكان بعث ببدنه وأقام بالمدينة .
قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى هذا فقالوا : لا ينبغي للمحرم أن يخلعه كما يخلع الحلال قميصه ؛ لأنه إذا فعل ذلك غطى رأسه ، وذلك عليه حرام فأمر بشقه لذلك .
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا : بل ينزعه نزعا ، واحتجوا في ذلك بحديث يعلى بن أمية الذي أحرم وعليه جبة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن ينزعها نزعا .
وقد ذكرنا ذلك في باب التطييب عند الإحرام .
فقد خالف ذلك حديث جابر الذي ذكرنا وإسناده أحسن من إسناده .
فإن كانت هذه الأشياء تثبت بصحة الإسناد ، فإن حديث يعلى معه من صحة الإسناد ما ليس مع حديث جابر .
وأما وجه ذلك من طريق النظر ، فإنا رأينا الذين كرهوا نزع القميص ، إنما كرهوا ذلك لأنه يغطي رأسه إذا نزع قميصه .
فأردنا أن ننظر هل يكون تغطية الرأس في الإحرام على كل الجهات منهيا عنها أم لا ؟
فرأينا المحرم نهي عن لبس القلانس والعمائم والبرانس ، فهي أن يلبس رأسه شيئا ، كما نهي أن يلبس بدنه القميص .
ورأينا المحرم لو حمل على رأسه شيئا ثيابا أو غيرها ، لم يكن بذلك بأسا ، ولم يدخل ذلك فيما قد نهي عن تغطية الرأس بالقلانس ، وما أشبهها ؛ لأنه غير لابس . فكان النهي إنما وقع من ذلك على تغطية ما يلبسه الرأس ، لا على غير ذلك مما يغطى به .
وكذلك الأبدان نهي عن إلباسها القميص ، ولم ينه عن تجليلها بالأزر .
[ ص: 139 ] فلما كان ما وقع عليه النهي من هذا في الرأس ، إنما هو الإلباس لا لتغطية التي ليست بإلباس ، وكان إذا نزع قميصه فلاقى ذلك رأسه ، فليس ذلك بإلباس منه لرأسه شيئا ، إنما ذلك تغطية منه لرأسه .
وقد ثبت بما ذكرنا أن النهي عن لبس القلانس لم يقع على تغطية الرأس ، وإنما وقع على إلباس الرأس في حال الإحرام ما يلبس في حال الإحلال .
، فلما خرج بذلك ما أصاب الرأس من القميص المنزوع من حال تغطية الرأس المنهى عنها ثبت أنه لا بأس بذلك ، قياسا ونظرا على ما ذكرنا .
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى .
وقد اختلف المتقدمون في ذلك .


