5029 - وقد حدثنا ، قال : ثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال : أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي ، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، قال : قال رسول الله [ ص: 185 ] صلى الله عليه وسلم : شداد بن أوس إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بأن يحسنوا القتلة ، وأن يريحوا ما أحل الله لهم ذبحه من الأنعام ، فما أحل لهم قتله من بني آدم فهو أحرى أن يفعل به ذلك .
فإن قال قائل : لا يستأنى برء الجراح ، وخالف ما ذكرنا في ذلك من الآثار فكفى به جهلا في خلافه كل من تقدمه من العلماء .
وعلى ذلك فإنا نفسد قوله من طريق النظر ؛ وذلك أنا رأينا رجلا لو قطع يد رجل خطأ ، فبرأ منها وجبت عليه دية اليد ، ولو مات منها وجبت عليه دية النفس ، ولم يجب عليه في اليد شيء ، ودخل ما كان يجب في اليد فيما وجب في النفس .
فصار الجاني كمن قتل ، وليس كمن قطع ، وصارت اليد لا يجب لها حكم إلا والنفس قائمة ، ولا يجب لها حكم إذا كانت النفس تالفة .
فصار النظر على ذلك أن يكون كذلك إذا قطع يده عمدا ، فإن برأ فالحكم لليد ، وفيها القود ، وإن مات منها فالحكم للنفس ، وفيها القصاص ، لا في اليد قياسا ونظرا على ما ذكرنا من حكم الخطأ .
ويدخل أيضا على من يقول : إن الجاني يقتل كما قتل ، أن يقول : إذا رماه بسهم فقتله أن ينصب الرامي فيرميه حتى يقتله ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر ذي الروح ، فلا ينبغي أن يصبر أحد لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ولكن يقتل قتلا لا يكون معه شيء من النهي .
ألا ترى أن رجلا لو نكح رجلا ، فقتله بذلك ، أنه لا يجب للولي أن يفعل بالقاتل كما فعل ، ولكن يجب له أن يقتله ؛ لأن نكاحه إياه حرام عليه .
فكذلك صبره إياه فيما وصفنا حرام عليه ، ولكن له قتله كما يقتل من حل دمه بردة أو بغيرها .
هذا هو النظر وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهم أجمعين . ومحمد
غير أن رضي الله عنه كان لا يوجب القود على من قتل بحجر وسنبين قوله هذا والحجة له في باب " شبه العمد " إن شاء الله تعالى . أبا حنيفة