ثم تكلموا في تأويل قوله عز وجل : ولذي القربى ، من هم ؟
فقال بعضهم : هم بنو هاشم ، الذين حرم الله عليهم الصدقة ، لا من سواهم من ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الله لهم من الفيء ، ومن خمس الغنائم ، ما جعل لهم منها بدلا مما حرم الله عليهم من الصدقة .
وقال قوم : هم بنو هاشم ، وبنو المطلب خاصة ، دون من سواهم من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 282 ] وقال قوم : هم قريش كلها ، الذين يجمعه وإياهم أقصى آبائه من قريش ، دون من سواهم ، ممن يقاربه من قبل أمهاته ، ممن ليس من قريش ، غير أنه لم يكن عليه أن يعمهم ، إنما كان عليه أن يعطي من رأى إعطاءه منهم دون بقيتهم .
وقال قوم : هم قرابته من قبل آبائه إلى أقصى أب له من قريش ، ومن قبل أمهاته إلى أقصى أم ، لكل أم منهن من العشيرة التي هي منها .
غير أنه لم يكن عليه أن يعمهم بعطيته ، إنما يعطي من رأى إعطاءه منهم .
وقد احتج كل فريق منهم لما ذهب إليه في ذلك ، بما سنذكره في كتابنا هذا ، ونذكر مع ذلك ما يلزمه من مذهبه إن شاء الله تعالى .
فأما أهل القول الأول الذين جعلوه لبني هاشم خاصة ، فاحتجوا في ذلك بأن الله عز وجل اختصهم بذلك ، بتحريمه الصدقة عليهم .
فإن قولهم هذا - عندنا - فاسد ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرمت الصدقة على بني هاشم ، قد حرمها على مواليهم كتحريمه إياها عليهم ، وتواترت عنه الآثار بذلك .